والتشهير منقول عن شريح (رحمه الله تعالى) ، فإنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا، وإلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا، ويقول إن شريحا يقرئكم السلام، ويقول: إنا وجدنا هذا شاهد زور، فاحذروه، وحذروا الناس منه. واختلف القائلون بجواز الضرب، والحبس: فقال ابن أبي ليلى: يجلد خمسة وسبعين سوطا، وهذه رواية عن أبي يوسف، وفي رواية أخرى عنه: يجلد تسعة وسبعين سوطا. وقال الشافعي: لا يزيد على تسعة وثلاثين. وقال أحمد: لا يزداد على عشر جلدات. وقال الأوزاعي في شاهدي الطلاق: يجلدان مائة مائة، ويغرمان الصداق. وقال صاحب «الفتح» : اعلم أنه قد قيل: إن المسألة على ثلاثة أوجه: أن يرجع على سبيل الإصرار، مثل أن يقول لهم: شهدت في هذه بالزور، ولا أرجع عن مثل ذلك، فإنه يعزر بالضرب بالاتفاق، وإن رجع على سبيل التوبة لا يعزر اتفاقا، وإن كان لا يعرف حاله، فعلى الاختلاف المذكور. واختلفوا في قبول شهادته بعد توبته، فذهب الحنفية إلى أنه إذا تاب شاهد الزور، وأتت على ذلك مدة، قيل سنة، وقيل ستة أشهر، والصحيح أنها مفوضة لرأي القاضي. فإن كان فاسقا تقبل شهادته، لإن الحامل له على الزور فسقه، وقد زال بالتوبة. وإن كان مستورا لا يقبل أصلا، وكذا إذا كان عدلا، على رواية بشر عن أبي يوسف، لأن الحامل له على ذلك غير معلوم، فكان الحال قبل التوبة وبعدها سواء، وروى أبو جعفر أنها تقبل، قالوا: وعليه الفتوى. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأحمد: تقبل شهادته إذا أتت على ذلك مدة تظهر فيها توبته، ويتبين فيها صدقه، وعدالته.. وقال مالك: لا تقبل شهادته أبدا، لأنه لا يؤمن على قول الصدق.