للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائشة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا، إلاَّ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خِطِيئَةٌ» «١» ، وفي «صحيح مسلم» عن أبي هريرةَ قال:

لَمَّا نَزَلَتْ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء: ١٢٣] بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ المُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا وَالشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» «٢» ، انتهى، وقد تقدم كثير في هذا المختصر من هذا المعنى، فالله المسئول أَنْ ينفع به كُلَّ مَنْ حَصَّله أو نظر فيه.

وقوله تعالى: وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ: يدلُّ على أَنَّ الفرحَ المنهيَّ عنه إنَّما هو ما أَدَّى إلى الاختيال والفخر، وأَمَّا الفَرَحُ بنعم اللَّه المقترن بالشكر والتواضع، فَإنَّه لا يستطيع أَحَدٌ دَفْعَهُ عن نفسه، ولا حرجَ فيه، واللَّه أعلم.

[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٢٤ الى ٢٧]

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤) لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧)

وقوله: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ قال بعضهم: هو خبر مبتدإ محذوف تقديره: هم الذين يبخلون، وقال بعضهم: هو في موضع نصب صِفَةً ل كُلَّ، وإنْ كان نكرةً فهو يُخَصَّصُ نوعاً ما فيسوغُ لذلك وصفه بالمعرفة، وهذا مذهبُ الأخفش، والْكِتابَ هنا: اسم جنس لجميع الكتب المُنَزَّلَةِ، وَالْمِيزانَ: العدل/ في تأويل الأكثرين.


- الصبر على الأمراض والأوجاع والأحزان، لما فيها من الكفارات والدرجات، عنهما جميعا، وابن الشجري في «أماليه» (٢/ ٢٧٩) عن أبي سعيد، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٤٥) (٤٨٨) .
(١) أخرجه البخاري (١٠/ ١٠٧) كتاب «المرضى» باب: ما جاء في كفارة المريض، وقوله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ (٥٦٤٠) ، ومسلم (٤/ ١٩٩٢/ ١٩٩٣) ، كتاب «البر والصلة والآداب» باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك، حتى الشوكة يشاكها (٤٦، ٥١/ ٢٥٧٢) . والبيهقي (٣/ ٣٧٣) ، كتاب «الجنائز» باب: ما ينبغي لكل مسلم أن يستشعره من الصبر على جميع ما يصيبه من الأمراض والأوجاع، والأحزان لما فيها من الكفارات، والدرجات، وأحمد (٦/ ٢٤٧، ٢٤٨) ، وابن الشجري في «الأمالي» (٢/ ٢٧٩) .
(٢) ينظر: السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>