وقوله:«لَمْ يدخُلاَ الجَنَّةَ» : ليس على ظاهره، أيْ: لم يدخُلاَ الجَنَّة أبداً حتى يقتصَّ لبعضهم من بعض، أو يقع العفو، أو تحلَّ الشفاعة حَسْبما هو معلومٌ في صحيح الآثار.
وقوله سبحانه: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ ... الآية: أهْلُ الكتابِ: لفظٌ يعمُّ اليهودَ والنصارى، ولكنْ نوازل الإخفاء كالرَّجْم وغيره، إنما حُفِظَتْ لليهود لأنهم كانوا مجاوري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مهاجره، وفي إعلامه صلّى الله عليه وسلّم بِخَفِيِّ ما في كُتُبِهِمْ، وهو أُمِّيٌّ لاَ يَكْتُبُ، ولا يَصْحَبُ القُرَّاءَ- دليلٌ على صحَّة نبوَّته لو ألهمهم اللَّه للخَيْر، وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ: أي: لم يفْضَحْهم فيه إبقاءً عليهم، والضمير في يَعْفُوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وقوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ: هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وكِتابٌ مُبِينٌ: هو القُرآن، ويحتملُ أنْ يريدَ موسى- عليه السلام-، والتوراةُ: أي: لو اتبعتموها حقَّ الاِتِّباع، والأوَّل هو ظاهر الآية، وهو أظهر، وسُبُلَ السَّلامِ: أي: طُرُقَ السلامةِ والنَّجَاةِ، ويحتملُ أنْ يكون «السَّلاَم» هنا اسما من أسماءِ اللَّه عزّ وجلّ، فالمعنى: طرق الله، والظُّلُماتِ: الكفر، والنُّورِ: الإيمان، وباقي الآية بيِّن متكرِّر.
وقوله سبحانه: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ: أيْ: لا مَالِكَ، ولا رادَّ لإرادةِ اللَّه تعالى في المسيحِ، ولا في غَيْرِهِ.
وقوله سبحانه: يَخْلُقُ مَا يَشاءُ: إشارةٌ إلى خلقه المسيحَ في رَحِمِ مَرْيَمَ من غير