للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوازِع «١» ومنه قولُ الشاعر: [الطويل]

على حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... فَقُلْتُ: أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ «٢»

أي: كافٌّ، وهَكَذا نقل ابنُ العربيِّ «٣» عن مَالكٍ فقال: يُوزَعُونَ أي: يُكَفَّونَ.

قال ابن العربي «٤» : وقد يكُونُ بمعنى يُلهَمُونَ من قوله «أَوْزِعْنِي أن أَشكُرَ نعمَتَكَ» أي: ألهمني، انتهى من «الإحكام» .

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ١٨ الى ٢٤]

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢١) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢)

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (٢٤)

وقولُه تَعَالَى: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها التبسمُ هو ضِحْكُ الأنبيَاءِ في غالِبِ أمْرهم لا يَليقُ بهم سِوَاهُ، وكان تَبَسُّمُه سروراً بنعمَةِ الله تَعالى عَلَيهِ في إسماعِهِ وتفهيمهِ.

وفي قول النملة: وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ثناءٌ على سليمانَ وجنودِه يتضمنُ تنزيهِهم عن تعمدِ القبيحِ. ثم دعا سليمانُ عليه السلام ربَّه أنْ يُعينَه ويُفَرِّغَهُ لشُكرِ نعمتهِ، وهذا معنى إيزاعِ الشُّكرِ، وقال الثعلبيُّ وغيرَه: «أوزِعْنِي» معناه: ألهِمْنِي، وكذلك قال العراقيّ: أَوْزِعْنِي ألهمني، انتهى.


(١) ذكره ابن عطية (٤/ ٢٥٣) .
(٢) البيت للنابغة الذبياني في «ديوانه» ص (٣٢) و «الأضداد» ص (١٥١) و «جمهرة اللغة» ص (١٣١٥) و «خزانة الأدب» (٢/ ٤٥٦) ، (٣/ ٤٠٧) ، (٦/ ٥٥٠) ، (٥٥٣) و «الدرر» (٣/ ١٤٤) و «سرّ صناعة الإعراب» (٢/ ٥٠٦) و «شرح أبيات سيبويه» (٢/ ٥٣) و «شرح التصريح» (٢/ ٤٢) و «شرح شواهد المغني» (٢/ ٨١٦) ، (٨٨٣) و «الكتاب» (٢/ ٣٣٠) ، و «لسان العرب» (٨/ ٣٩٠) (وزع) ، (٩/ ٧٠) (خشف) و «المقاصد النحويّة» (٣/ ٤٠٦) ، (٤/ ٣٥٧) وبلا نسبة في «الأشباه والنظائر» (٢/ ١١١) و «الإنصاف» (١/ ٢٩٢) و «أوضح المسالك» (٣/ ١٣٣) و «رصف المباني» ص (٣٤٩) و «شرح الأشموني» (٢/ ٣١٥) ، (٣/ ٥٧٨) و «شرح شذور الذهب» ص (١٠٢) و «شرح ابن عقيل» ص (٣٨٧) و «شرح المفصّل» (٣/ ١٦، ٤/ ٥٩١، ٨/ ١٣٧) و «مغني اللبيب» ص (٥٧١) و «المقرب» (١/ ٢٩٠، ٢/ ٥١٦) و «المنصف» (١/ ٥٨) و «همع الهوامع» (١/ ٢١٨) .
واستشهد فيه بقوله: «على حين» ، حيث يجوز في «حين» الإعراب وهو الأصل، والبناء لأنّه أضيف إلى مبنيّ، وهو الفعل الماضي «عاتب» .
(٣) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٤٥٠) .
(٤) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٤٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>