للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير «سورة غافر»

[وهي] مكّية روى أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: الحواميم ديباج القرآن «١» ، ومعنى هذه العبارة: أنّها خلت من الأحكام وقصرت على المواعظ والزّجر وطرق الآخرة محضا، وعن ابن مسعود أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنّة، فليقرإ الحواميم» «٢» .

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤)

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥)

قوله تعالى: حم: تقدَّم القولُ في الحُرُوفِ المقطَّعَةِ، ويَخْتَصُّ هذا المَوْضِعُ بقولٍ آخرَ قاله الضَّحَّاكُ والكسائي أنَّ حم هِجَاءُ (حُمَّ) - بضم الحاء وتشديد الميم المفتوحةِ- كأنه يقولُ: حُمَّ الأَمْرُ وَوَقَعَ تنزيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ «٣» ، وقال ابن عَبَّاسٍ: الر، وحم، ون، هي حروفُ الرحمن مقطَّعةٌ في سُورٍ «٤» ، وسأَل أعرابيٌّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن حم ما هو؟ فقال: بدء أسماء، وفواتح سور، وذِي الطَّوْلِ معناه: ذي/ التَطَوُّلِ والمَنِّ بكلِّ نعمةٍ، فَلاَ خَيْرَ إلاَّ مِنْهُ سبحانَهُ، فَتَرَتَّبَ في هذه الآيةِ وعيدٌ بَيْنَ وَعْدَيْنِ، وهكذا رحمتُهُ سبحانه تَغْلِبُ غَضَبَهُ، قال ع «٥» : سمعتُ هذه النَّزْعَةَ مِنْ أبي- رحمه اللَّه- وهُوَ نحوٌ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ- رضي اللَّه عنه-: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» «٦» ت: هو حديثٌ، والطَّوْلُ: الإنْعَامُ، وعبارةُ البخاريِّ: الطَّوْلُ: التَّفَضُّلُ، وَحَكَى الثعلبيُّ عن أهل الإشارة أنّه


(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٤٣) ، وعزاه إلى أبي الشيخ، وأبي نعيم، والديلمي.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٤٥) .
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٩٠) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٤٥) .
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ٣٧) برقم: (٣٠٢٦٥) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٩٠) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٤٥) .
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٤٦) .
(٦) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>