للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري/: ولا خلاف بين المتأوِّلِينَ في ذلك.

قال مالك: هو واجب، ويرجع تاركه من وطنه إلاَّ أَنْ يطوف طوافَ الوداع فإنَّهُ يجزيه عنه، ويحتمل أَنْ تكونَ الإشارة بالآية إلى طواف الوداع، وقد أَسْنَدَ «١» الطبريُّ عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت زهيراً عن قوله تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فقال:

هو طواف الوداع وقاله مالك في «الموطإِ» ، واخْتُلِفَ في وجهِ وصف البيتِ بالعتيق، فقال مجاهد «٢» وغيره: عتيق، أي: قديم.

وقال ابن الزبير «٣» : لأَنَّ الله تعالى أعتقه من الجبابرة.

وقيل: أعتقه من غرق الطَّوفانِ، وقيل غير هذا.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٠ الى ٣١]

ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١)

وقوله: ذلِكَ يحتمل أَنْ يكونَ في موضع رفع بتقدير: فرضكم ذلك، أو الواجب ذلك، ويحتمل أن يكون في محلِّ نصب بتقدير: امتثلوا ذلك ونحو هذا الإضمار، وأَحْسَنُ الأشياءِ مُضْمَراً أحسنُهَا مظهراً ونحو هذه الإشارةِ البليغةِ قَوْلُ زُهَيْرِ: [البسيط]

هذا، وَلَيْسَ كَمَنْ يَعْيَا بخطبته ... وسط النّديّ إذا ما ناطق نطقا «٤»

والحرمات المقصودة هنا هي أفعال الحج.


- ومحل طواف الإفاضة بعد الخروج من عرفة ولهذا سمي طواف الإفاضة. ويدخل وقته بنصف ليلة النحر لمن وقف قبله قياسا على رمي جمرة العقبة. ولا آخر لوقته إذ الأصل عدم التأقيت إلا إذا دلّ دليل على ذلك ولا دليل ثمّة. ويسن تأخيره إلى بعد طلوع الشمس للاتباع، ويكره تأخيره عن يوم النحر وفي تأخيره عن أيام التشريق كراهة شديدة وعن خروجه من مكة كراهة أشد.
(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ١٤٢) برقم (٢٥١٢٣) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١١٩) .
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ١١٩) . [.....]
(٣) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٢٤) كتاب «التفسير» باب ومن سورة الحج حديث (٣١٧٠) ، والحاكم (٢/ ٣٨٩) من حديث عبد الله بن الزبير وقال الترمذي: حَسَنٌ صَحِيحٌ وقال الحاكمُ: صحيحٌ على شرطِ البخاري ولم يخرجاه. وقال الذهبي: على شرط مسلم.
(٤) البيت في ديوانه (٤٢) ، و «البحر» (٦/ ٣٣٩) ، و «الدر المصون» (٥/ ١٤٥) .
والندي: القوم المجتمعون ومنه النادي، والشاهد في قوله «هذا» حيث أشير باسم الإشارة إلى ما سبق من وصف الهرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>