للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٠٣ الى ٢٠٥]

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥)

وقوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ. أَمَرَ اللَّه سبحانه بذكْره في الاْيام المعدوداتِ/، وهي الثلاثة الَّتي بعد يَوْم النحر، ومن جملة الذكر التكبير في إثر الصّلوات. ٥١ ب قال مالك: يكبِّر من صلاة الظُّهْر يوم النَّحْر إِلى صلاة الصُّبْح من آخر أيام التَّشْريق، وبه قال الشافعيُّ، ومشهور مذهبِ مالكٍ، أنه يكبِّر إِثْر كلِّ صلاةٍ ثلاثَ تكْبيراتٍ.

ومن خواصِّ التكبير وبركتِهِ ما رواه ابن السُّنِّيِّ، بسنده، عَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْب، عن أَبِيهِ، عَنْ جَدِّه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الحَرِيقَ، فَكَبِّرُوا فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفِئُهُ» «١» انتهى من «حلية النوويِّ» «٢» .

وقوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ... الآية: قال ابنُ عبَّاس وغيره: المعنى:

من نَفَر اليوم الثَّاني من الأيام المعدوداتِ، فلا حرج عليه، ومن تأخَّر إِلى الثالث، فلا إِثم عليه، كلُّ ذلك مباحٌ إِذ كان من العربِ مَنْ يذمُّ المتعجِّل وبالعكْس، فنزلَتِ الآية رافعةً للجُنَاحِ «٣» . قُلْتُ: وأهل مكة في التعجيلِ كغيرهم على الأصحِّ.

ثم أمر سبحانه بالتقوى، وذكَّر بالحَشْر، والوقوفِ بين يَدَيْهِ.

وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ... الآية.

قال السُّدِّيُّ: نزلَتْ في الأخْنَسِ بْنِ شريقٍ: أظهر الإِسلام، ثم هَرَب، فمرَّ بقومٍ من المسلمين، فأحرق لهم زرعاً، وقتل حُمُراً «٤» .

قال ع «٥» : ما ثبت قطُّ أن الأخنس أسلم، قُلْتُ: وفي ما قاله ع: نظر،


(١) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» حديث (٢٩٥) ، والعقيلي في «الضعفاء» (٢/ ٢٩٦) ، من طريق عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه عن جَدِّه مرفوعا.
(٢) «حلية النووي» (ص ٣٣٢) .
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٣١٨- ٣٢١) برقم (٣٩٣١- ٣٩٥٧) .
وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٢٣) .
(٤) أخرجه الطبري (٢/ ٣٢٤) رقم (٣٩٦٤) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٢٧) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي.
(٥) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>