قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ نداء للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال السهيلي: المُزَّمِّلُ اسمٌ مشتقٌ من حالتِه التي كان عليها ع حينَ الخطابِ، وكذلكَ المدَّثِّرُ، وفي خطابِه بهذَا الاسْمِ فائِدَتان: إحداهما: الملاطفةُ فإنَّ العربَ إذا قَصَدَتْ ملاطَفَةَ المخاطَبِ، وتَرْكَ معاتَبَتهِ سَمَّوْهُ باسم مشتق من حالته، كقوله ع لعلي حين غَاضَبَ فاطمةَ: قُمْ أبا تُرَابٍ، إشعاراً له أنه غَيْرُ عاتبٍ عليه، وملاطَفَةً له، والفائدة الثانية: التنبيهُ لكلِّ مُتَزَمِّلٍ راقدٍ ليلَه لينتبهَ إلى قيامِ الليل وذكرِ اللَّه فيه، لأنَّ الاسْمَ المشتق من الفعلِ، يَشْتَرِكُ فيه معَ المخاطَب كلُّ مَنْ عَمِلَ بذلك العملِ، واتَّصَفَ بتلك الصفةِ، انتهى، والتَزَمُّلُ الاِلْتِفَافُ في الثياب، قال جمهور المفسرين وهو في البخاري وغيره: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لمَّا جَاءَه المَلَكُ في غار حراء وَحَاوَرَه بما حاوره به، رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى خديجة فقال: زمّلوني زمّلوني فنزلت «يا أيها المدثر» و [على هذا نزلت «يا أيها المزمل» ] «١» .
وقوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قال جمهور العلماءِ: هو أمْرُ نَدْبٍ، وقيل كَانَ فَرْضاً وقْتَ نزول الآيةِ، وقال بعضهم: كان فرضا على النبي صلّى الله عليه وسلّم خاصَّةً وبَقِيَ كذلك حتى تُوُفِّي، وقيل غير هذا.