للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الرعد]

قيل: مكّيّة إلّا بعض آيات، وقيل: مدنية، والظاهر أنّ المدنيّ فيها كثير.

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)

قوله عز وجل: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ: قال ابن عباس: هذه الحروفُ هي مِنْ قوله: «أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ وأرى» «١» .

وقوله سبحانه: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ ... الاية: قال جمهور النَّاس: لاَ عَمَدَ للسموات ألبتَّة، وهذا هو الحَق و «العمدُ» : اسم جَمْعٍ.

قوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ: «ثم» هنا: لعطفِ الجُمَلِ، لا للترتيبِ لأن الاستواء على العَرْش قبل رَفْعِ السموات، ففي الصحيح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السموات وَالأَرْضَ» «٢» وقد تقدَّم القول في هذا، وفي معنى الاستواء.

ت: والمعتَقَدُ في هذا: أنه سبحانَهُ مستو على العرشِ على الوَجْهِ الذي قاله، وبالمعنَى الذي أراده استواء منزَّهاً عن المماسَّة والاستقرار والتمكُّن والحلولِ والانتقال، لا


(١) ذكره ابن عطية (٣/ ٢٩٠) .
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ٣٣٠- ٣٣١) كتاب «بدء الخلق» باب: ما جاء في قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، حديث (٣١٩١) ، وفي (١٣/ ٤١٤- ٤١٥) كتاب «التوحيد» باب: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، حديث (٧٤١٨) ، وأحمد (٤/ ٤٢٦، ٤٣١، ٤٣٣، ٤٣٦) ، والترمذي مختصرا (٥/ ٧٣٢- ٧٣٣) كتاب «المناقب» باب: مناقب في ثقيف وبني حنيفة، حديث (٣٩٥١) ، وابن حبان (١٤/ ١١) برقم: (٦١٤٢) ، والدارمي في «الرد على الجهمية» ص: (١٤) ، والبيهقي (٩/ ٢- ٣) ، وفي «الأسماء والصفات» ص: (٢٣١) كلهم من طريق الأعمش عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين به.

<<  <  ج: ص:  >  >>