للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبليسُ قاله الجمهور، وهو الصوابُ لأنَّ سائر المقالة به تليق، ومَرِيداً: معناه:

متمرِّداً عاتياً صليباً في غوايته، وأصْلُ اللعْنِ: الإبعادُ، والمفروضُ: معناه: في هذا الموضعِ المُنْحَاز، وهو مأخوذٌ من الفرضِ، وهو الحَزُّ في العود وغيره.

قال ع «١» : ويحتملُ أنْ يريد واجباً إن اتَّخَذَهُ، وبَعْثُ النَّارِ هو نَصِيبُ إبْلِيسَ.

وقوله: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ ... الآية: معنى أُضِلَّنَّهُمْ: أصرفُهُمْ عن طريقِ الهدى، وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ لأسوِّلَنَّ لهم، وأَمَانِيُّهُ لا تنحصرُ في نَوْعٍ واحدٍ، والبَتْكَ: القَطْع.

وقوله: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ اختلف المتأوِّلون في معنى تَغْيير خَلْق اللَّه، ومِلاَكُ تفسير هذه الآية أنَّ كلَّ تغييرٍ ضَارٍّ، فهو داخلٌ في الآية، وكلّ تغييرٍ نافعٍ فهو مباحٌ، وفي «مختصر الطبريِّ» : فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال ابنُ عبَّاس: خَلْقَ اللَّهِ: دِينَ اللَّهِ، وعن إبراهيم، ومجاهدٍ، والحسن، وقتادَةَ، والضَّحَّاك، والسُّدِّيِّ، وابْنِ زَيْدٍ مثله «٢» ، وفسَّر ابن زيد: لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [الروم: ٣٠] ، أيْ: لِدِينِ اللَّهِ، واختارَ الطبريُّ «٣» هذا القوْلَ واستدلِّ له بقوله تعالى: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم: ٣٠] وأَجاز أنْ يدخل في الآية كلُّ ما نَهَى اللَّه عَنْهُ مِنْ معاصيه، والتَّرْكِ لطاعته. انتهى، وهو حَسَنٌ.

قال ع «٤» : واللامَاتُ كلُّها للقَسَمِ.

قال ص: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ، مفعوله محذوفٌ، أي: عن الهدى وكذا:

وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ، أي: الباطلَ وكذا وَلَآمُرَنَّهُمْ، أي: بالبَتْكِ، فَلَيُبَتِّكُنَّ وكذا:

وَلَآمُرَنَّهُمْ، أي: بالتغيير، فَلَيُغَيِّرُنَّ كُلَّ ما أوجده اللَّه للطَّاعَةِ فيستعينُونَ به في المَعْصِيَةِ.

انتهى.

ولما ذكر اللَّه سبحانه/ عُتُوَّ الشيطانِ، وما توعَّد بهِ منْ بَثِّ مَكْرِهِ، حَذَّر تبارك وتعالى عبادَهُ بأن شرط لمن يتّخذه وليّا جزاء الخسران.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٢٠ الى ١٢٢]

يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢٠) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (١٢١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً (١٢٢)


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١١٤) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٨٣) برقم (١٠٤٦٨) ، (١٠٤٧٠، ١٠٤٧٧، ١٠٤٨٠، ١٠٤٨١) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٥٣٠) ، وابن عطية في «تفسيره» (٢/ ١١٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٣٩٦) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر الطبري (٤/ ٢٨٥) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>