للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهزم اللَّهُ المشركين، وأَعْلَى كلمةَ الإِسلام إِلى يَوْمِ الدينِ، قال يَعْلَى بن عطاءٍ: فحدَّثني أبناءُ المنهزمين عَنْ آبائهم، قالوا: لم يَبْقَ منَّا أحَدٌ إِلا دخَلَ عينيه مِنْ ذلك التُّرَابِ واستيعابُ هذه القصة في كتب «السِّيَر» .

ومُدْبِرِينَ: نصب على الحال المؤكِّدة كقوله: وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً [البقرة:

٩١] ، والمؤكِّدة هي التي يدلُّ ما قبلها عليها كدلالة التولِّي على الإِدبار.

وقوله سبحانه: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ ... الآية: السكينةُ: النَّصْر الذي سَكَنَتْ إِليه ومعه النفُوسُ، والجنودُ: الملائكةُ، والرُّعْبُ قال أبو حاجز يزيدُ بنُ عامرٍ: كان في أجوافنا مثلُ ضَرْبَةِ الحَجَرِ في الطَّسْتِ من الرُّعْبِ، وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا، أيْ: بالقتل والأسْرِ، وروَى أبو داود، عن سهل بن الحَنْظَلِيَّة «١» أنهم سَارُوا مَعَ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم يَوْمَ حُنَيْنٍ، فأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عشِيَّةً، فحضرت الصّلاة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انطلقت بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حتى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِم بظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ، وشِيَاهِهِمْ، اجتمعوا إِلَى حُنَيْنٍ، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «تلك غنيمة المسلين غَداً، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ... » الحديثَ. انتهى «٢» ، فكانوا كذلك غنيمة بحمد الله، كما أخبر صلّى الله عليه وسلّم.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩)


(١) هو: سهل بن الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد، الأوسي، الأنصاري.
قال ابن الأثير في «الأسد» : كان ممن بايع تحت الشجرة، وكان فاضلا معتزلا عن الناس، كثير الصلاة والذكر، كان لا يزال يصلي مهما هو في المسجد، فإذا انصرف لا يزال ذاكرا، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وروى عنه أبو كبشة.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٢/ ٤٦٩) ، «الإصابة» (٣/ ١٣٨) ، «الثقات» (٣/ ١٧٠) ، «نقعة الصديان» (١٩٢) ، «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ٢٤٣) ، «الاستيعاب» (٢/ ٦٦٢) ، «بقي بن مخلد» (٣٩١) ، «تقريب التهذيب» (١/ ٣٣٦) ، «تهذيب التهذيب» (٤/ ٢٥١) ، «تهذيب الكمال» (١/ ٥٥٤) ، «الجرح والتعديل» (٤/ ت ٨٤١) ، «التاريخ الكبير» ، (٤/ ٩٨) ، «الطبقات الكبرى» (٨/ ٣٢٨) .
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ١٢- ١٣) كتاب «الجهاد» باب: في فضل الحرس في سبيل الله عز وجل، حديث (٢٥٠١) ، والحاكم (٢/ ٨٣- ٨٤) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٥/ ١٢٥- ١٢٦) ، والطبراني في «الكبير» (٦/ ٩٦) ، رقم: (٥٦١٩) من حديث سهل بن الحنظلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>