للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذال، وفتح الكاف- وقرأها ابن عباس، ورَدَّهَا على قارئ قرأ عليه «يُكذبونك» بضم الياء، وقال: إنهم كانوا يسمونه الأَمِينَ.

وقرأ نافع والكسائي- بسكون الكاف، وتخفيف الذال-، وهما قراءتان مشهورتان صحيحتان، وهما بمعنى واحد، فمعنى: لا يكذبونك، أي: لا يعتقدون كذبك، وإنهم يعلمون صِدْقَكَ، ولكنهم يَجْحَدُونَ عنَاداً وظُلْماً، وهذا تأويل قتادة والسُّدي وغيرهما «١» .

وحكي عن طائفة من الكُفَّارِ أنها كانت تَقُولُ: إنا لنعلم أن محمداً صادق، ولكن إذا آمنَّا به فضلنا بنو هاشم بالنبوءة، فنحن لا نُؤْمِنُ به أَبَداً. رويت هذه المَقَالَةِ عن أَبِي جَهْلٍ «٢» ، ومن جرى مجراه.

وأسْنَدَ الطَّبَريُّ «٣» : «أن جِبْريلَ وجد النبي صلّى الله عليه وسلّم حَزِيناً فسأله، فقال: كذبني هؤلاء، فقَال: إنهم لا يكذبونك بل يعلمون أَنَّكَ صَادِقٌ ولكن الظالمين بآيات اللَّه يَجْحَدُونَ» وجَحْدُ العِنَادِ جائز الوقوع بمقتضى النظر، وظواهر القرآن تعطيه، ويَجْحَدُونَ: حِقِيقِتُهُ في كلام العرب الإنْكارُ بعد معرفة، وهو ضد الإقرار.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥) إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦)


- (٢٥٧) ، و «الحجة» (٣/ ٣٠٢) ، و «إعراب القراءات» (١/ ١٥٥) ، و «العنوان» (٩٠) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٤٨) ، و «شرح شعلة» (٣٦٠) .
(١) أخرجه الطبري (٥/ ١٨١) رقم (١٣١٩٥، ١٣١٩٦) ، بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ٩٣، ٩٤) عن السدي، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٨٦) ، وذكره ابن كثير (٢/ ١٢٩، ١٣٠) بنحوه، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٨) وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة، ولابن أبي حاتم، عن الحسن بنحوه.
(٢) عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي: أشد الناس عداوة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأحد سادات قريش، وأبطالها ودهاتها في الجاهلية، كان يقال له: أبو الحكم، كان عنيدا عنيفا، حتى كانت وقعة بدر الكبرى، فشهدها مع المشركين فكان من قتلاها سنة ٢ هـ.
ينظر: «الكامل» (٢/ ١٢٧) ، و «فتح الباري» (٧/ ٢٩٣- ٢٩٦) ، «عيون الأخبار» (١/ ٢٣٠) ، «السيرة الحلبية» (٢/ ٣٣) ، «دائرة المعارف الإسلامية» (١/ ٣٢٢) ، «إمتاع الأسماع» (١/ ١٨) ، «الأعلام» (٥/ ٨٧) .
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ١٨٢) رقم (١٣٢٠٢، ١٣٢٠٣) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٨٧) بنحوه، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٩) ، وعزاه لابن جرير عن الضحاك، ولابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>