للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطاه للمال، وكقوله عليه الصلاة والسلام في صفة جهنَّمِ: «أَسْود مِنَ القَارِ» وفي صفة حوضِهِ «أَبْيَض مِنَ اللَّبَنِ» «١» .

ت: وقد تقَّدم أن «أسْوَد» من «سود» ، وما في ذلك من النقْدِ، وقال مجاهدٌ:

أَمَداً معناه عدداً «٢» ، وهذا تفسيرٌ بالمعنى.

وقوله سبحانه: وَزِدْناهُمْ هُدىً، أي: يسَّرناهم للعمل الصالحِ، والانقطاع إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، ومباعدةِ الناسِ، والزهْدِ في الدنيا، وهذه زيادات على الإيمان.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٤ الى ١٦]

وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (١٦)

وقوله سبحانه: وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ: عبارة عن شدَّةِ عزمٍ، وقوةِ صبرٍ، ولما كان الفَزَعُ وخَوَرُ النفس يشبه بالتناسُب الانحلالَ، حَسُنَ في شدَّة النفْس، وقوَّة التصميمِ أنْ يُشْبِه الربْطُ، ومِنْه يقالُ: فلانٌ رَابِطُ الجأشَ إِذا كان لا تَفْرَقُ نفسه عند الفَزَعَ والحروبِ وغيرها، ومنْه الربْطُ على قَلْب أمِّ موسى.

وقوله تعالى: إِذا قامُوا

يحتمل أنْ يكون وصف قيامهم بين يَدَيِ الملك الكافِرِ، فإِنَّه مَقَامٌ يحتاج إلى الربْطِ على القَلْب، ويحتمل أن يعبر بالقيام على انبعاثهم بالعزم على


ناصب ل «من» في قوله: أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ، وذلك لأنّ أفعل مضمرة لمعنى المصدر، إذ التقدير: يريد ضربنا القوانس على ضرب غيرنا» . قلت: هذا مرجوح، وأفعل التفضيل ضعيف، وإذا جعلنا «أحصى» اسما فجوّز الشيخ في «أيّ» أن تكون الموصولة، و «أحصى» خبر لمبتدأ محذوف، هو عائدها، وأنّ الضمة للبناء على مذهب سيبويه، لوجود شرط البناء، وهو إضافتها لفظا، وحذف صدر صلتها. وهذا إنما يكون على جعل العلم، بمعنى العرفان، لأنه ليس في الكلام إلّا مفعول واحد، وتقدير آخر لا حاجة إليه، إلّا أنّ إسناد «علم» بمعنى عرف إلى الله تعالى إشكالا، تقدم تحريره في الأنفال وغيرها. وإذا جعلناه فعلا امتنع أن تكون موصولة، إذ لا حاجة لبنائها حينئذ وهو حسن.
ينظر: «الدر المصون» (٤/ ٤٣٧- ٤٣٨) .
(١) أخرجه البخاري (١١/ ٤٧٤) كتاب «الرقاق» باب: الحوض، حديث (٦٥٨١) ، والترمذي (٥/ ٤١٩) كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الكوثر، حديث (٣٣٦٠) ، من حديث أنس بن مالك.
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١٨٨) برقم: (٢٢٩١٧) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٥٠٠) ، والبغوي (٣/ ١٥٣) ، والسيوطي (٤/ ٣٨٩) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>