الفهم مطلقا سواء كان المفهوم دقيقا أم غيره، وسواء غرضا لمتكلم أم غيره. والدليل على ذلك على لسان قوم شعيب: ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ [هود: ٩١] ، وقوله في شأن الكفار: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً [النساء: ٧٨] ، وقوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء: ٤٤] . فهذه الآيات تفيد أنّ الفقه هو الفهم مطلقا. ثانيا: قيل: هو الفهم للأشياء الدقيقة فقط، فلا يصح أن نقول: فقهت أن السماء فوقنا وأن الأرض تحتنا. وهذا القول مردود بما سبق من آيات، وبما قاله أئمة اللغة من أن الفقه هو الفهم مطلقا. ثالثا: هو فهم غرض المتكلم من كلامه، فلا يسمى لغة فهم الطير فقها، ورد هذا القول بما رد به الثاني. واصطلاحا: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. وقال السيوطي نقلا عن بعض أصحاب الشافعي: الفقه: معرفة النظائر، وقال بعض أصحاب الشافعية أيضا: الفقه: فرق وجمع. وقال الغزالي: الفقه: عبارة عن العلم والفهم في أصل الوضع، ولكن صار بعرف العلماء عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة. وقال محمد نظام الدين محمد اللكنوي في «فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت» : الفقه: حكمة فرعية شرعية، وعرفوه بأنه: العلم بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. وعرفه الزركشي: بمعرفة الحوادث نصا واستنباطا. وعرفه أبو حنيفة: بمعرفة النفس مالها وما عليها. ينظر: «لسان العرب» (٥/ ٣٤٥٠) ، «ترتيب القاموس» (٣/ ٥١٣) ، «المصباح المنير» (٢/ ٦٥٦) ، «الأشباه والنظائر» (٦) ، والقائل الشيخ قطب الدين السنباطي، «المنثور» (١/ ٦٦) ، «المستصفى» (١/ ٤) ، «التلويح على التوضيح» (١/ ٥) .