للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]

إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا قال سفيان بن عبد اللَّه الثَّقَفِيُّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ، قَالَ: «قُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ استقم» «١» .

ت: هذا الحديث خَرَّجه مسلم في «صحيحه» ، قال صاحب «المُفْهِمِ» : جوابه صلّى الله عليه وسلّم من جوامع الكَلِم، وكأَنَّهُ مُنْتَزَعٌ من قول اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ... الآية، وتلخيصه: اعْتَدَلُوا على طاعته قولاً وفعلاً وعقداً، انتهى من «شرح الأربعين حديثاً» لاِبْنِ الفَاكِهَانِيِّ، قال ع «٢» : واخْتَلَفَ النَّاسُ في مقتضى قوله: ثُمَّ اسْتَقامُوا فذهب الحَسَنُ وجماعةٌ إلى أَنَّ معناه: استقاموا بالطاعاتِ واجتناب المعاصِي، وتلا عُمَرُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- هذه الآيةُ على المِنْبَرِ، ثم قال: استقاموا- واللَّهِ- بطاعتهِ، ولم يروغوا روِغانَ الثَّعَالِبِ، قال ع «٣» : فذهب- رحمه اللَّه- إلى حَمْلِ الناس على الأَتَمِّ الأفْضَلِ، وإلاَّ فيلزم على هذا التأويل من دليل الخطاب أَلاَّ تتنزل الملائكةُ عِنْدَ الموت على غير مستقيمٍ على الطاعَةِ، وذهب أبو بكْرٍ- رضي اللَّه عنه- وجماعةٌ معه إلى أَنَّ المعنى:

ثم: استقاموا على قولهم: رَبُّنَا اللَّهُ، فلم يختلَّ توحيدُهُمْ، ولا اضطرب إيمانهم، قال ع «٤» : وفي الحديث الصحيح: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّه، دخل الجنّة» «٥»


(١) أخرجه مسلم (١/ ٢٢٢) - الأبي كتاب «الإيمان» باب: جامع أوصاف الإسلام (٦٢/ ٣٨) ، والترمذي (٤/ ٦٠٧) كتاب «الزهد» باب: ما جاء في حفظ اللسان (٢٤١٠) ، وابن ماجه (٢/ ١٣١٤) كتاب «الفتن» باب: كف اللسان في الفتنة (٣٩٧٢) ، والدارمي (٢/ ٢٩٨) كتاب «الرقاق» باب: في حفظ اللسان، وابن حبان (٨/ ٢٣٧) - الموارد (٢٥٤٣) ، وأخرجه الحاكم (٤/ ٣١٣) ، والطبراني (٧/ ٧٨) (٦٣٩٦) ، وأبو نعيم في «الحلية» (١/ ٦٥) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٩/ ٢٣٤) (٤٨٧٧) .
وأخرجه ابن حبان (٣/ ٢٢١- ٢٢٢) كتاب «الرقائق» باب الأدعية: ذكر ما يجب على المرء من سؤال الباري تعالى الثبات والاستقامة على ما يقربه إليه بفضل الله علينا بذلك (٩٤٢) ، بلفظ: «قل آمنت بالله ... » الحديث، وأحمد (٣/ ٤١٣) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن سفيان بن عبد الله الثقفي.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١٤) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١٤) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١٤) .
(٥) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٥١، ٥٠٠) ، وأبو داود (٢/ ٢٠٧) كتاب «الجنائز» باب: في التلقين برقم: (٣١١٦) ، وأحمد (٥/ ٢٣٣، ٢٤٧) من حديث معاذ بن جبل. -

<<  <  ج: ص:  >  >>