للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل اللفظ أن يريد ب مِمَّا أَنْزَلْنا/ جميعَ الشرع.

ت: وهذا التأويلُ عندي أُبَيْنُ إِذَا لُخِّص، وإِن كان قد استبعده ع «١» :

ويكون المراد ب مِمَّا أَنْزَلْنا: مَا ذكره سبحانه من قصصهم، وذِكْرِ صفته عليه السلام، وذكْرِ أنبيائهم وصِفَتِهم وسيرهم وسائِرِ أخبارهم الموافِقَةِ لِمَا في كتبهم المنزَّلة على أنبيائهم كالتوراة والإِنجيل والزَّبُور والصُّحُف، وتكون هذه الآية تَنْظُر إِلى قوله سبحانه: مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ... [يوسف: ١١١] ، فتأمَّله، واللَّه أعلم.

وأما قوله: هذا قولُ أهْل التأويل قاطبةً، فليس كذلكَ، وقد تكلَّم صاحب «الشفا» على الآية، فأحْسَنَ، ولفظهُ: واختلف في معنى الآية، فقيلَ: المرادُ: قل يا محمّد للشاكّ:

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ... الآية، قالوا: وفي السورة نَفْسِهَا ما دلَّ على هذا التأويل، وهو قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ... الآية [يونس: ١٠٤] ، ثم قال عياضٌ: وقيل: إِن هذا الشكّ: الذي أمر غير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بسؤالِ الذين يقرؤون الكتاب عنه، إِنما هو في ما قصَّهُ اللَّه تعالى من أخبار الأمم، لا فيما دعا إِلَيْه من التوحيد والشريعة. انتهى.

وقوله سبحانه: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ ... الآية: مما خوطب به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمراد سواه.

قال ع «٢» : ولهذا فائِدةٌ ليست في مخاطبة الناس به، وذلك شدَّة التخويفِ لأنه إذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُحَذَّرُ مِنْ مثل هذا، فغيره من النَّاسِ أَوْلَى أَن يحذَّر ويتقى على نفسه.

وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ: أي: حقَّ عليهم في الأزل وخلقهم لعذابه لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ إِلا في الوقت الذي لا يَنْفَعهم فيه الإِيمان كما صنع فرعون وأشباهه، وذلك وقتُ المُعَايَنَةِ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٩٨ الى ١٠٠]

فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (٩٨) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠)


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٤٣) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>