للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَمَانِيُّ: جمع أُمْنِيَّة، واختلف في معنى أَمانِيَّ، فقالت طائفة: هي هاهنا من:

تمنَّى الرجل، إذا ترجى، فمعناه أن منهم من لا يكْتُب ولا يقرأ، وإنما يقول بظنِّه شيئاً سمعه، فيتمنى أنه من الكتاب.

وقال آخرون: هي من تمنى إذا تلا، ومنه قول الشاعر: [الطويل]

تمنى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ ... وَآخِرَهُ لاقى حِمَامَ المَقْادِرِ «١»

فمعنى الآية: أنهم لا يَعْلَمُون الكتاب إِلاَّ سماع شيْءٍ يتلى، لا عِلْمَ لهم بصحَّته.

وقال الطبريُّ: هي من تَمَنَّى الرجُلِ، إذا حدَّث بحديث مختلَقٍ كذبٍ، أي: لا يعلمون الكتاب إِلا سماعَ أشياء مختلَقَةٍ من أحبارهم، يظنُّونها من الكتاب.

ص «٢» : وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ: «إن» : نافية بمعنى «ما» . انتهى.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٩ الى ٨٢]

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩) وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)

وقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ... الآية.

٢٦ أقال الخليلُ: «الوَيْلُ» : شِدَّةُ الشر، وهو مصدر، / لا فِعْلَ له، ويجمع على وَيْلاَتٍ، والأحسن فيه إِذا انفصل: الرفْعُ لأنه يقتضي الوقُوعَ، ويصحُّ النصب على معنى الدُّعَاء، أي: ألزمه اللَّه وَيْلاً، ووَيْلٌ ووَيْحٌ ووَيْسٌ تتقاربُ في المعنى، وقد فرق بينها قوم.

وروى سفيانُ، وعطاءُ بنُ يَسارٍ أن الوَيْلَ في هذه الآية وادٍ يجري بفناءِ جهنَّم من صديد أهل النار «٣» .


(١) البيت من شواهد «المحرر الوجيز» (١/ ١٦٩) و «البحر المحيط» (١/ ٤٣٦) ، و «الدر المصون» (١/ ٢٦٩) . [.....]
(٢) «المجيد» ص ٣٠٨.
(٣) أخرجه الطبري (١/ ٤٢٣) برقم (١٣٩٩) بلفظ «واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لا نماعت من شدة حره» ، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ١٥٩) ، وعزاه لابن مبارك في «الزهد» ، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث» .

<<  <  ج: ص:  >  >>