للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهدُ، قال ذلك، ونَزَعَ بهذه الآية مَنْ يرى الحُكْم بالإِمارة من العلماء فإِنها معتمدهم، و «يوسُفُ» في قوله: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا: منادًى، قال ابن عباس: ناداه الشاهدُ، وهو الرجل الذي كان مع العزيز «١» ، وأَعْرِضْ عَنْ هذا: معناه: عن الكلامِ بِهِ، أي:

اكتمه، ولا تتحدَّث به، ثم رَجَعَ إِليها، فقال: وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ، أي: استغفري زَوْجَكَ وسيِّدَكَ، وقال: مِنَ الْخاطِئِينَ، ولم يقل «من الخاطئات» لأن الخاطئين أعمّ.

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٣٠ الى ٣٤]

وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)

وقوله سبحانه: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ:

نِسْوَةٌ: جمع قلَّة، وجمعُ التكثير نساءٌ، ويروَى أنَّ هؤلاء النسوة كُنَّ أربعاً: امرأة خبَّازَة، وامرأة ساقية، وامرأة بَوَّابة، وامرأة سَجَّانة، والعزيزُ: المَلِك، والفَتَى: الغلام، وعُرْفُه في المملوك، ولكنَّه قد قيل في غير المملوك ومنه: إِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ [الكهف: ٦٠] ، وأصل الفتى، في اللغة: الشَّابُّ، ولكن لما كان جُلُّ الخَدَمَةِ شبابا، استعير لهم اسم الفتى، وشَغَفَها: معناه بَلَغَ حتَّى صار مِنْ قلبها موضِعَ الشِّغافِ، وهو على أكثر القولِ: غِلاَفٌ من أغشية القَلْبِ.

وقيل: الشِّغاف: سويداءُ القَلْبِ.

وقيل: الشِّغَافُ: داءٌ يصلُ إِلى القلب.

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ليحضُرْن.

وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً: أي: أعَدَّتْ ويَسَّرت ما يُتَّكَأُ عليه من فُرُشٍ ووسَائِد وغَيْرِ ذلك، وقرأ ابن عباس «٢» وغيره: «مُتْكاً» - بضم الميم وسكون التاء وتنوين الكاف-،


(١) ذكره ابن عطية (٣/ ٢٣٧) .
(٢) وقرأ بها ابن عمر، والجحدري، وقتادة، والضحاك، والكلبي، وأبان بن تغلب، ورويت عن الأعمش.
وأما معنى هذه القراءة- كما حكى المصنف-: هو الأترجّ، وقيل: أيضا: هو الزّماورد، وهو طعام من اللحم والبيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>