للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى عذاب السعير، فكأنّ القائل منهم يقول: هم يتبعون دين آبائهم ولو كان مصيرهم إلى السعير، فدخلت ألف التوقيف على حرف العطف كما كان اتّساقُ الكلام فيه فتأملْه.

[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٢ الى ٢٦]

وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦)

وقوله تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ معناه يُخْلِصُ ويُوَجِّهْ ويستسلمْ به، والوجْه هنا: الجارحة، اسْتُعِيْرَ للمقصِد لأَنَّ القاصدَ إلى شيء فهو مستقبله بوجهه، فاستعيرَ ذلك للمعاني، والمحسنُ: الذي جَمَعَ القولَ والعمل، وهو الذي شَرَحه صلى الله عليه وسلّم حين سأله جبريل- عليه السلام- عن الإحسان. والمتاعُ القليلُ هنا هو العمر في الدنيا. -

وقوله: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أي: على ظهور الحجة.

[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٧ الى ٣٢]

وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١)

وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)

وقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ... الآية. روي عن ابن عباس: أن سببَ نزولها أن اليهودَ قالت: يا محمد كيف عنيتنا بهذا القول وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: ٨٥] ونحن قد أُوتينا التوراةَ تِبْيَاناً لكل شيء؟ فنزلت الآية «١» ، وقيل غير هذا.

قال ع «٢» : وهذه الآية بَحْرُ نظرٍ وفكرةٍ، نَوَّرَ الله قلوبنا بهداه.


(١) ذكره ابن عطية (٤/ ٣٥٣- ٣٥٤) ، وابن كثير (٣/ ٤٥١) ، والسيوطي (٥/ ٣٢٢) ، وعزاه لابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٢) ينظر: «المحرر» (٤/ ٣٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>