للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعاء لجميع العالمين.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٩١ الى ٩٢]

وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)

وقوله سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ... الآية: قال ابن عباس: هذه الآية نزلت في بني إسرائيل «١» ، قال النَّقَّاش: وهي آية مدنية، وقيل: المراد رجُلٌ مخصوص منهم، يقال له مالك بن الصّيف قاله ابن جُبَيْر «٢» ، وقيل: فنْحَاص قاله السُّدِّيُّ «٣» ، وقَدَرُوا: هو من توفيَةِ القَدْرِ والمنزلةِ، وتعليلُه بقولهم: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ: يقضي بأنهم جَهِلُوا، ولم يعرفوا الله حقّ معرفته إذا أحالوا عليه بعثةَ الرُّسُل، قال الفَخْر «٤» : قال ابن عباس: مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، أيْ: ما عظَّموا اللَّه حقَّ تعظيمه «٥» ، وقال الأخفشُ:

ما عَرَفُوه حقَّ معرفته، وقال أبو العالية: ما وصفوه حقَّ قُدْرته وعَظَمته، وهذه المعانِي كلُّها صحيحةٌ. انتهى، وروي أنَّ مالك بن الصَّيْفِ كان سَمِيناً، فجاء يخاصم النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بزعمه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أَنْشُدُكَ اللَّه، أَلَسْتَ تَقْرَأُ فِيمَا أُنْزِلَ على موسى: إنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الْحِبْرَ السَّمِينَ» «٦» ، فَغَضِبَ، وقال: «واللَّهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ» ، قال الفَخْر «٧» :

وهذه الآية تدلُّ على أن النكرة في سياقِ النفْي «٨» تعمُّ، ولو لم تفد العمومَ، لما كان قوله


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٢٦٣) رقم (١٣٥٤٤) بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ١١٤) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٢٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٣) وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦٢) برقم (١٣٥٣٩) بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ١١٤) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٢٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٤) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير.
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦٣) برقم (١٣٥٤١) ، وذكره البغوي (٢/ ١١٤) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٢٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٣، ٥٤) ، وعزاه لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن السدي.
(٤) ينظر: «تفسير الرازي» (١٣/ ٦٠) .
(٥) أخرجه الطبري (٥/ ٢٦٤) برقم (١٣٥٤٥) بنحوه.
(٦) ذكره الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» (١/ ٤٤٢- ٤٤٣) رقم (٤٥٠) ، وعزاه للطبري، والواحدي في «أسباب النزول» .
(٧) ينظر: «تفسير الرازي» (١٣/ ٦٣) .
(٨) «البحر المحيط» (٣/ ١١٠- ١٢٢) ، «تقريب الوصول إلى علم الأصول» (ص ٧٥) ، «نهاية السول» -

<<  <  ج: ص:  >  >>