للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فائتٍ، وهذا من أخبار القرآن بالغيوب قبل أن تكون، فكان كما أخبر، ثم أخبر سبحانه عن الكافرين، وأنهم يُجْمَعُونَ إِلى جهنّم، والحشر: الجمع.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]

لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)

وقوله سبحانه: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وقرأ حمزة والكسائيُّ «١» : «لِيُمَيِّزَ اللَّهُ» - بضم الياءِ، وفتحِ الميم، وشدِّ الياء-، قال ابن عباس وغيره: المعنيُّ ب الْخَبِيثَ:

الكفَّارُ، وب الطَّيِّبِ المؤمنون «٢» ، وقال ابْنُ سَلاَّم والزَّجَّاج: الْخَبِيثَ: ما أنفقه المشركون في الصَّدِّ عن سبيل اللَّه، والطَّيِّبِ: هو ما أنفقه المؤمنون في سبيل اللَّهِ «٣» .

قال ع «٤» : روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أَنَّ اللَّه سبحانه يُخْرِجُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَالِ مَا كَانَ صَدَقَةً أَوْ قُرْبَةً، ثُمَّ يأْمُرُ بِسَائِرِ ذَلِكَ، فيلقى فِي النَّارِ: وعلى التأويلين: فقوله سبحانه: وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً إِنما هي عبارةٌ عن جَمْع ذلك، وضَمه، وتأليف أشتاته، وتكاثُفِه بالاجتماع، ويَرْكُمُهُ في كلام العرب: يُكَثِّفه ومنه سَحابٌ مَرْكُومٌ [الطور: ٤٤] وعبارة البخاريِّ: فيركمه: فَيَجْمَعه. انتهى.

وقوله سبحانه: إِنْ يَنْتَهُوا، يعني: عن الكفر، يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ لأن الإِسلام يجبّ ما قبله، وإِنْ يَعُودُوا، يريدُ بِهِ: إِلى القِتَالِ، ولا يصحُّ أن يُتَأَوَّل: وإن يعودوا إِلى الكُفْرِ لأنهم لم ينفصلوا عنه.

وقوله: فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ/ الْأَوَّلِينَ: عبارةٌ تجمَعُ الوعيدَ والتهديدَ والتمثيلَ بمَنْ هَلَكَ من الأمم في سالف الدَّهْرِ بعذاب اللَّه حين صدَّ في وَجْهِ نبيِّه بمَنْ هلك في يَوْمِ بَدْرٍ بسيف الإسلام.

وقوله سبحانه: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ قال ابن عباس، وابن عمر،


(١) ينظر: «السبعة» (٣٠٦) ، و «الحجة» (٤/ ١٥٢) ، و «إعراب القراءات» (١/ ٢٢٩) ، و «إتحاف» (٢/ ٧٩) .
(٢) ذكره ابن عطية (٢/ ٥٢٦) .
(٣) ذكره ابن عطية (٢/ ٥٢٦) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٥٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>