للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلقهم، ومللهم، والأطوار: الأحوال المختلفة.

[سورة نوح (٧١) : الآيات ١٦ الى ٢٤]

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠)

قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤)

وقوله سبحانه: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً ... الآية، قال عبدُ اللَّه بن عمرو بن العاص وابن عباس: إن الشَّمْسَ والقمر أقْفَاؤهما إلى الأرض، وإقبال/ نورهما وارتفاعُه في السماء «١» وهذا الذي يقتضيه لفظ السّراج.

وأَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ: استعارَةٌ مِنْ حَيْثُ خُلِقَ آدم ع من الأرض.

ونَباتاً مصدرٌ جَاءَ على غير المصدر، التقديرُ: فَنَبَتُّم نَبَاتاً، والإعَادَةُ فيها بالدَّفْنِ، والإخراجُ هو بالبعثِ، وظاهر الآية: أنَّ الأرْضَ بسيطَةٌ غيرُ كُرِيَةً، واعتقادُ أحَدِ الأمْرَيْنِ غَيْرُ قَادِح في الشرْعِ بنفسِه، اللهمَّ إلاَّ أنْ يترتبَ «٢» على القولِ بالكُرِيَّةِ نَظَرٌ فاسِدٌ، وأما اعتقادُ كونِها بسيطةً، فهو ظاهِرُ كتابِ اللَّه تعالى، وهو الذي لاَ يَلْحَقُ عنه فسادٌ أَلْبَتَّةَ، واستدلَّ ابن مجاهد على صحَّة ذلك بماءِ البحر المُحِيطِ بالمَعْمُورِ فَقَال: لَوْ كانت الأرضُ كُرِيَّةً لَمَا اسْتَقَرَّ المَاءُ عَلَيْهَا «٣» ، والسُّبُلُ الطرقُ، والفجاجُ الواسعةُ، وقولُ نوحٍ: وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ ... الآية، المعنى: اتّبعوا أشرافهم وغواتهم، وخَساراً: معناه: خسرانا، وكُبَّاراً: بناءُ مبالغةٍ نَحْوَ: حُسَّانَ وُقُرِىءَ «٤» شاذًّا: «كِبَاراً» - بكسْرِ الكَافِ- قال ابن الأنباري: جَمْعُ كبير.


(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٢٥٢) ، رقم: (٣٥٠٢٠) بنحوه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكره البغوي (٤/ ٣٩٨) ، وابن عطية (٥/ ٣٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٢٥- ٤٢٦) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ في «العظمة» عن عبد الله بن عمرو، وعزاه أيضا لأبي الشيخ عن ابن عبّاس.
(٢) في د: يتركب. [.....]
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٧٥) .
(٤) قرأ بها ابن محيصن، وعيسى بن عمر.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (١٦٢) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٧٦) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٣٣٥) ، وزاد نسبتها إلى زيد بن علي، وهي في «الدر المصون» (٦/ ٣٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>