للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة «المعارج»

[وهي] مكّيّة بلا خلاف

[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣)

قوله عز وجل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ قرأ جمهور السبعة: سَأَلَ بهمزة محقَّقةٍ، قالوا: والمعنى دَعَا داعٍ، والإشارةُ إلى مَنْ قال من قريشٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ... [الأنفال: ٣٢] الآية، وقولهم: عَجِّلْ لَنا قِطَّنا [ص: ١٦] ونحو ذلك، وقال بعضهم: المعنى بَحَثَ بَاحِثٌ واسْتَفْهَمَ مُسْتَفْهِم، قالوا: والإشارةُ إلى قول قريشٍ: مَتى هذَا الْوَعْدُ [الملك: ٢٥] وَمَا جَرى مَجْراه قاله الحسن وقتادة، والباء على هذا التأويل في قوله: بِعَذابٍ بمعنى «عن» وقرأ نافع وابن عامر «١» : «سَال سَائِلٌ» ساكنَةَ الأَلِفِ، واختلفَ القراء بها/ فقال بعضهم: هي «سأل» المهموزةُ إلاَّ أنَّ الهمزةَ سُهِّلَتْ، وقال بعضهم هي لغة من يقول: سَلْتُ أَسَالُ وَيَتَسَاوَلاَنِ، وهي لغةٌ مشهورة، وقال بعضهم في الآية: هي من سَالَ يَسِيلُ إذا جَرَى، وليست من معنى السؤال، قال زيد بن ثابت وغيره: في جهنمَ وادٍ يسمَّى سَائِلاً «٢» والإخبارُ هنا عنه، وقرأ ابن عباس «٣» : «سَال سيل» - بسكون الياءِ- وسؤَال الكفارِ عن العذابِ- حَسَبَ قراءة الجماعة- إنما كانَ على أنه كَذِبٌ، فوصفَه اللَّه تعالى بأنهُ وَاقِعٌ وعيداً لهم.

وقوله: لِلْكافِرينَ قال بعض النحاة: اللامُ بمعنى «على» ، ورُويَ: أنه كذلِكَ في


(١) ينظر: «السبعة» (٦٥٠) ، و «الحجة» (٦/ ٣١٧) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٨٩) ، و «حجة القراءات» (٧٢٠) ، و «معاني القراءات» (٣/ ٨٨) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٦٨) ، و «العنوان» (١٩٧) ، و «شرح شعلة» (٦٠٨) . و «إتحاف» (٢/ ٥٦٠) .
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٦٤) .
(٣) قال أبو الفتح: السيل هنا: الماء السائل، وأصله المصدر، من قولك: سال الماء سيلا، إلا أنه أوقع على الفاعل، كقوله: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً [الملك: ٣٠] ، أي: غائرا.
ينظر: «المحتسب» (٢/ ٣٣٠) ، و «مختصر الشواذ» ص: (١٦٢) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٦٥) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>