للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ: أي: يبيِّن طرق الصواب، ثم وصف الأصنام بأنها لا تَهْدِي إِلا أنْ تُهْدَى.

وقوله: إِلَّا أَنْ يُهْدى: فيه تَجوُّز، لأنا نجدها لا تُهْدَى وإِنْ هُدِيَتْ، وقال بعضهم: هي عبارة عن أنها لا تنتقلُ إِلا أنْ تُنْقَلَ، ويحتمل أنْ يكون ما ذَكَرَ اللَّه مِنْ تسبيح الجمادَاتِ هو اهتداؤها، وقرأ نافع وأبو عمرو: «يَهْدِّي» «١» - بسكون الهاء، وتشديد الدَّال-، وقرأ ابن كثير وابنُ عامر: يَهَدِّي- بفتح الياء/ والهاء، وتشديد الدَّال «٢» - وهذه رواية وَرْشٍ عن نافعٍ، وقرأ حمزة والكسائي: «يَهْدِي» - بفتح الياءِ، وسكون الهاء «٣» - ومعنى هذه القراءة: أَمَّنْ لا يَهْدِي أَحداً إِلا أَن يُهْدى ذلك الأَحْدُ، ووقف القُرَّاء: فَما لَكُمْ، ثم يبدأ: كَيْفَ تَحْكُمُونَ.

وقوله سبحانه: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ... الآية: أخبر اللَّه سبحانه عن فساد طريقتهم، وضَعْفِ نَظَرِهم، وأنه ظَنٌّ، ثم بيَّن منزلة الظنِّ من المعارف، وبعده عن الحقّ.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]

وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)

وقوله سبحانه: وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هذا ردٌّ لقول من يقول: إنّ محمدا يفتري القرآن، والَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: التوراةُ والإِنجيل، وهم يقطعون أنَّه لم يطالِعْ تلك الكُتُب، ولا هي في بلده، ولا في قومه، وتَفْصِيلَ الْكِتابِ هو تبيينه.

وقوله: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ... الاية: «أم» هذه ليست بالمعادلة لهمزة الاستفهام،


(١) ينظر: «السبعة» ص: (٣٢٦) ، «الحجة» (٤/ ٢٧٤- ٢٧٥) ، «حجة القراءات» ص: (٣٣١- ٣٣٢) ، «إعراب القراءات» (١/ ٢٦٨) ، و «إتحاف» (٢/ ١٠٩) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٤٤) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٣٥١) ، و «العنوان» (١٠٥) ، «شرح شعلة» (٤٢٢) : ينظر السابق.
وذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) ، وذكر أنها قراءة شيبة والأعرج، وأبي جعفر.
(٢) ذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) .
(٣) ذكره ابن عطية (٣/ ١١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>