للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: هل جزاءُ الإحسان في الدنيا إلاَّ الإحسانُ في الآخرة.

ثالثها: هل جزاء/ مَنْ أحسنَ إليكم بالنعم في الدنيا إلاَّ أَنْ تَحْسِنُوا له العبادَةَ والتقوى.

وأمَّا الأقرب فهو التعميم، أي: لأنَّ لفظ الآية عامٌّ، انتهى.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦٢ الى ٧٨]

وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١)

حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)

وقوله سبحانه: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ قال ابْنُ زَيْدٍ وغيره: معناه أَنَّ هاتين دون تَيْنِكَ في المنزلة والقُرْبِ، فالأُولَيَانِ للمقرَّبين، وهاتان لأصْحَابِ اليَمِينِ «١» ، وعن ابن عباس «٢» :

أَنَّ المعنى: أَنَّهُمَا دونهما في القرب إلى المُنَعَّمِينَ، وأَنَّهُما أفضلُ من الأُولَيَيْنِ، قال ع «٣» : وأكثر الناس على التأويل الأول.

ت: واختار الترمذيُّ الحكيمُ التأويلَ الثاني، وأطنب في الاحتجاج له في «نوادر الأصول» له، وخَرَّجَ البخاريُّ هنا عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ... » الحديث، وفيه: «إنَّ في الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، في كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْل مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المؤمن» «٤» انتهى، ومُدْهامَّتانِ معناه: قد علا لَوْنَهُمَا دُهْمَةٌ وَسَوَادٌ في النظرة والخضرة،


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦١٠) برقم: (٣٣١٤٠) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٧٩) .
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٥) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٣٥) .
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٤٩١) ، كتاب «التفسير» باب: ومن دونهما جنتان (٤٨٧٨) باب: حور مقصورات في الخيام (٤٨٨٠) ، (١٣/ ٤٣٣) ، كتاب «التوحيد» باب: قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
(٧٤٤٤) ، ومسلم (١/ ١٦٣) ، كتاب «الإيمان» باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم، برقم: (٢٩٦/ ١٨٠) ، وابن ماجه (١/ ٦٦- ٦٧) «المقدمة» باب: فيما أنكرت الجهمية (١٨٦) ، والترمذي (٤/ ٥٨١) ، كتاب «صفة الجنة» باب: ما جاء في صفة غرف الجنة (٢٥٢٨) ، والدارمي (٢/ ٣٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>