للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نازلٌ بهم، ثم خاطَبَ سبحانه أهْلَ الكتابِ مِنَ النصارى، وهو أنْ يَدَعُوا الغُلُوَّ، وهو تجاوُزُ الحَدِّ.

وقوله: فِي دِينِكُمْ: معناه: في دِينِ اللَّهِ الَّذي أنْتُمْ مطلوبُونَ به بأنْ تُوحِّدوا اللَّه، ولا تَقُولوا على اللَّه إلا الحقَّ، ولَيْسَتِ الإشارةُ إلى دينهم المُضَلِّل، وعن عُبَادَةَ بْنِ الصامِتِ (رضي اللَّه عنه) ، عنِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عيسى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ- أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ على مَا كَانَ مِنَ عَمَلٍ» «١» رواه مسلم، والبخاريُّ والنسائيُّ، وفي مسلمٍ: «أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» .

انتهى.

وقوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أي: الذين مِنْ جملتهم: عيسى، ومحمَّد- عليهما السلام-.

وقوله تعالى: إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ: «إنَّمَا» في هذه الآية: حاصرة، وسُبْحانَهُ: معناه: تنزيهاً له، وتعظيماً، والاستنكاف إبَاءَةٌ بأَنَفَة.

قال ع «٢» : وقوله سبحانه: لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ

: زيادةٌ في الحُجَّة، وتقريبٌ مِنَ الأذهان، أي: وهؤلاءِ الذين هُمْ في أعلى درجاتِ المَخْلُوقين لاَ يَسْتَنْكِفُونَ عن ذلك، فكيفَ بسواهُمْ، وفي هذه الآيةِ دليلٌ على تفضيل الملائكة على الأنبياء.

وقوله سبحانه: سَيَحْشُرُهُمْ

: عبارةُ وعيدٍ.

قال ع «٣» : وهذا الاِستنكافُ إنما يكونُ من الكُفَّار عن اتباع الأنبياءِ، وما جرى مجراه.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٧٤]]

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤)


(١) أخرجه البخاري (٦/ ٥٤٦) كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب قوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ، حديث (٣٤٣٥) ، ومسلم (١/ ٥٧) ، كتاب «الإيمان» ، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، حديث (٤٦/ ٢٨) ، وأحمد (٥/ ٣١٣) ، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٢٧٧- ٢٧٨) ، كتاب «عمل اليوم والليلة» ، باب ما يقول عند الموت، حديث (١٠٩٦٩) ، والبغوي في «شرح السنة» .. (١/
١١٥- بتحقيقنا) كلهم من طريق جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت به.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١٤٠) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ١٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>