للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: بمعنى تنزيه القلب عن الذنوب، وهذه هي الحقيقة في التقوى دون الأَولَيَيْنِ أَلا ترى أَنَّ الله تعالى يقول: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ذَكَرَ الطاعة والخشية ثم ذكر التقوى، فعلمتَ أنَّ حقيقة التقوى معنى سوى الطاعةِ والخشيةِ، وهي تنزيهُ القلب عن الذنوب، انتهى.

وقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ....

الآية: جهد اليمين: بلوغ الغاية في تعقيدها، ولَيَخْرُجُنَ

معناه: إلى الغزو، وهذه في المنافقين الذين تولوا حين دُعُوا إلى الله ورسوله.

وقوله تعالى: قُلْ لاَّ تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ

يحتمل معاني:

أحدها: النهي عن القَسَمِ الكاذب إذ قد عُرِفَ أَنَّ طاعتهم دغلة فكأنه يقول: لا تغالطوا فقد عُرِفَ ما أَنْتُمْ عليه.

والثاني: أَنَّ المعنى: لا تتكلَّفُوا القَسَمَ فطاعة معروفة على قدر الاستطاعة أَمْثَلُ وأجدر بكم، وفي هذا التأويل إبقاءٌ عليهم، وقيل غير هذا.

وقوله: تَوَلَّوْا معناه: تتولوا، والذي حمل النبي صلى الله عليه وسلّم هو التبليغ والذي حمل الناس هو السمعُ والطاعة واتباع الحق، وباقي الآية بيّن.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٥ الى ٥٧]

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧)

وقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ...

الآيةُ عامَّةٌ لأُمَّةِ نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم في أنْ يُمَلِّكَهُمُ الله البلادَ كما هو الواقع، فسبحانه ما أصدق وعده! وقال الضَّحَّاكُ في كتاب «النقاش» «١» : هذه الآية تتضمن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، والصحيح في الآية أَنَّها في استخلاف الجمهور، واللام في لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ لأم القَسَم.

وقوله: يَعْبُدُونَنِي فعل مستأنف، أي: هم يعبدونني.


(١) ذكره ابن عطية (٤/ ١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>