للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ» «١» [المطففين: ١٤] » انتهى.

والغِشَاوَةُ: الغطاء المغشي الساتر، وقوله تعالى: وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ: معناه:

لِمخالفتِكَ يا محمَّد، وكفرهم بالله، وعَظِيمٌ: معناه بالإضافة إلى عذاب دونه.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٨ الى ١٢]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)

قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ... إِلَى وَما يَشْعُرُونَ: هذه الآية نزلت في المنافقين، وسَمَّى اللَّهُ تعالى يوم القيامة اليَوْمَ الآخِرَ لأنه لا ليل بعده، ولا يقالُ يوم إِلا لما تقدَّمه ليل، واختلف المتأوِّلون في قوله: يُخادِعُونَ اللَّهَ، فقال الحسن بن أبي الحسن: المعنى يُخَادِعُون رسول اللَّه «٢» ، فأضافَ الأمرَ إلى اللَّه تجوُّزاً لتعلُّق رسوله به، ومخادعتُهم هي تحيُّلهم في أن يُفْشِيَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمؤمنون إليهم أسرارهم.

ع «٣» : تقول: خادَعْتُ الرجُلَ بمعنى: أعملْتُ التحيُّل عليه، فَخَدَعْتُهُ، بمعنى:

تمَّت عليه الحيلة، ونفذ فيه المرادُ، وقال جماعةٌ: بل يخادعون اللَّهَ والمؤمنين بإِظهارهم من الإِيمان خلافَ ما أبطنوا من الكفر، وإِنما خدعوا أنفسهم لحصولهم في العذاب، وَما يَشْعُرُونَ بذلك، معناه: وما يعلمون علْمَ تفطُّن وتَهَدٍّ، وهي لفظة مأخوذة من


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٩٧) ، والترمذي (٥/ ٤٣٤) ، كتاب «تفسير القرآن» ، باب ومن سورة ويل للمطففين، حديث (٣٣٣٤) ، والنسائي في «التفسير» (٢/ ٥٠٥) ، رقم (٦٧٨) ، وفي «الكبرى» (٦/ ١١٠) ، كتاب «عمل اليوم والليلة» ، باب ما يفعل من بلي بذنب وما يقول، حديث (١٠٢٥١) ، وابن ماجه (٢/ ١٤١٨) ، كتاب «الزهد» باب ذكر الذنوب، حديث (٤٢٤٤) ، والطبري في «تفسيره» (٣٠/ ٦٢) ، والحاكم (٢/ ٥١٧) ، وابن حبان (٣/ ٢١٠) ، رقم (٩٣٠) ، و (١٧٧١- موارد) ، كلهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وقال الحاكمُ: صحيحٌ على شرطِ مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٣٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في «شعب الإيمان» .
(٢) ذكره ابن عطية (١/ ٩٠) ، والقرطبي (١/ ١٧٠) . [.....]
(٣) «المحرر الوجيز» (١/ ٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>