للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: فَذُوقُوا: يحتمل أنْ يكون من قول اللَّه تعالى لهم، ويحتمل أَنْ يكونَ من قول الملائكة، وَنُذُرِي: جمع المصدر، أي: وعاقبة إنذاري، ومُسْتَقِرٌّ أي: دائم استقر فيهم حَتَّى يُفْضِيَ بهم إلى عذاب الآخرة، وآلَ فِرْعَوْنَ: قومه وأتباعه.

[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤٢ الى ٤٨]

كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦)

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨)

وقوله: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يحتمل أنْ يريد آل فرعونَ، ويحتمل أن يكون قوله:

وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ [القمر: ٤١]- كلاماً تامًّا-، ثم يكون قوله: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يعود على جميع من ذُكِرَ من الأمم.

وقوله تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ خطاب لقريش على جهة التوبيخ.

وقوله: أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ أي: من العذاب فِي الزُّبُرِ أي: في كتب اللَّه المُنَزَّلَةِ قاله ابن زيد وغيره «١» .

ثم قال تعالى لنبيِّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم: أَمْ يَقُولُونَ/ نَحْنُ: واثقون بجماعتنا، منتصرون بقوَّتِنا على جهة الإعجاب سَيُهْزَمُونَ، فلا ينفع جمعُهم، وهذه عِدَةٌ من اللَّه تعالى لرسوله أَنَّ جَمْعَ قريشٍ سَيُهْزَمُ، فكان كما وعد سبحانه قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-:

كنت أقول في نفسي: أَيُّ جَمْعٍ يُهْزَمُ؟! فَلَمَّا كان يومُ بدرٍ رأيتُ رسولَ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم يثب في الدرع، وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «٢» والجمهور على أَنَّ الآية نزلت بِمَكَّةَ، وقول مَنْ زعم أَنَّها نزلت يومَ بدر ضعيف، والصواب أَنَّ الوعد نُجِّزَ يوم بدر، قال أبو حيان «٣» : وَيُوَلُّونَ: الجمهور بياء الغيبة، وعن أبي عمرو بتاء الخطاب، والدُّبُرُ: هنا اسم جنس، وحسن إفرادَهُ كونُهُ فاصلةً، وقد جاء مجموعاً في آية أُخرى، وهو الأصل، انتهى.


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٥٦٧) برقم: (٣٢٨٢١) ، وابن عطية (٥/ ٢٢٠) .
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٥٦٧) برقم: (٣٢٨٢٣) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٣٨) ، وابن عطية (٥/ ٢٢٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٨٤) ، وعزاه لابن أبي حاتم، والطبراني في «الأوسط» ، وابن مردويه.
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٨/ ١٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>