للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أي: إِذا رأَوْهم بأبصارِهِمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا ... الآية، كأنهم أرادوا بهذه المقالة تذنيبَ المَعْبُودين، وقوله سبحانه: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ... الآية: الضمير في فَأَلْقَوْا للمعبودينَ أنطقهم اللَّه بتكذيب المُشْركين، وقد قال سبحانه في آية أخرى: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ [يونس: ٢٨] الآية، انظر تفسيرها في سورة يونس وغيرها.

وقوله: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ الضمير في أَلْقَوْا هنا عائد على «المشركين» ، والسَّلَمَ الاستسلام.

وقوله تعالى: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ ... الآية: رُوِيَ في ذلك عن ابن مسعود، أنَّ اللَّه سبحانَهُ يسلِّط عليهم عَقَارِبَ وحَيَّاتٍ، لها أنيابٌ، كالنَّخْلِ الطِّوال «١» ، وقال عَبْيدُ بنُ عُمَيْرٍ: حَيَّات لها أنيابٌ كالنخْلِ «٢» ونحو/ هذا، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن لجهنَّمَ سواحِلَ، فيها هذه الحياتُ وهذه العقاربُ، فيفر الكافرون إلى السَّواحلِ، فتلقاهم هذه الحيَّاتُ والعقاربُ فيفرُّونَ منها إِلى النار، فتَتْبَعهم حَتَّى تجد حَرَّ النار، فتَرْجِع «٣» . قال: وهي في أسراب.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٩ الى ٩١]

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٩١)

وقوله سبحانه: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً يعني: رسولَها، ويجوز أن يبعَثَ اللَّه شهوداً من الصَّالحين مع الرسُلِ، وقد قال بعضُ الصحابة: إِذا رأَيْتُ أحداً على معصية،


(١) أخرجه الطبري (٧/ ٦٣٢) برقم: (٢١٨٤٧- ٢١٨٤٨- ٢١٨٤٩) ، وذكره البغوي (٣/ ٨١) ، وابن عطية (٣/ ٤١٥) ، وابن كثير (٢/ ٥٨١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٢٣٩) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وهناد بن السري، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي.
(٢) أخرجه الطبري (٧/ ٦٣٢) برقم: (٢١٨٥٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤١٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٢٣٩) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري (٧/ ٦٣٣) برقم: (٢١٨٥٦) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤١٥) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٢٤٠) ، وعزاه لابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>