للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس «١» وغيره، فَهِي لسوادِها وانكدارِ أَنوارِها، تشبهُ ذلكَ، والمهلُ أيضاً: ما أُذِيبَ من فضَّةٍ ونحوها قاله ابن مسعود وغيره «٢» ، والعِهْنُ الصوفُ، وقيل: هو الصوفُ المصْبُوغ، أيَّ لَوْنٍ كَانَ، والحميمُ في هذا الموضع: القريبُ والوَليُّ، والمعنى: ولا يَسْأَلُهُ نصرةً ولا منفعةً، ولا يجدُها عنده، وقال قتادة: المعنى: ولا يَسْأَلُهُ عن حالِه لأَنَّها ظاهرةٌ قَدْ بَصُرَ كلُّ أحَدٍ حَالَةَ الجميعِ، وشُغِلَ بنفسهِ «٣» ، قال الفخرُ «٤» : قوله تعالى: يُبَصَّرُونَهُمْ تقول:

بَصَّرَني زيدٌ كَذَا، وبَصَّرَنيِ بِكَذَا، فإذا بَنَيْتَ الفِعل للمَفْعُولِ وحَذَفْتَ الجارَّ، قلتَ: بُصِّرْتُ زَيْداً، وهكذا معنى: يُبَصَّرُونَهُمْ وكأَنَّه لما قال: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً قيل: لعله لاَ يُبْصِرُه فَقَال: يُبَصَّرُونَهُمْ ولَكِنْ لاِشْتِغَالِهم بأنفسِهم لا يَتَمَكَّنُونَ من تساؤلهِم، انتهى، وقرأ ابن كثير «٥» بخلافٍ عنه: «ولاَ يُسْئَلُ» عَلَى بِنَاءِ الفعلِ للمفعول، فالمعنى: وَلاَ يُسْأَلُ إحْضَارَهُ لأنَّ كلَّ مُجْرِمٍ له سِيمَا يُعْرَفُ بها، كما أنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ لَهُ سِيمَا خَيْرٍ، والصَّاحِبَةُ هنا: الزوجةُ، والفصيلة هنا: قرابَةُ الرجل.

وقوله تعالى: كَلَّا إِنَّها لَظى ردُّ لما وَدُّوه، أي: ليس الأَمْرُ كذلك، و «لَظَى» طَبَقَةٌ مِنْ طبقاتِ جهنم، والشَّوَى/ جلدُ الإنسانِ وقيل: جلدُ الرأس.

تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى يريدُ الكفارَ، قال ابن عباس وغيره: تدعوهُم بأسمائهم وأسماء آبائهم «٦» ، وَجَمَعَ أي جمعَ المالَ وفَأَوْعى جَعَلَه في الأوْعِية، أي: جمعُوه من غيرِ حلٍّ ومَنَعُوه من حقوقِ اللَّهِ، وكان عبدُ اللَّهِ بن عكيم لاَ يَرْبِطُ كيسَه، ويقول:

سمعت الله تعالى يقول: وَجَمَعَ فَأَوْعى.

[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١٩ الى ٢١]

إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١)

وقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ عمومٌ لاسْمِ الجنسِ، لكنّ الإشارة هنا إلى الكفار،


(١) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٦٦) ، وابن كثير (٤/ ٤٢٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤١٨) ، وعزاه للطستي عن ابن عبّاس.
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٦٦) .
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٢٢٩) ، رقم: (٣٤٨٧٦) بنحوه، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤١٨) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) ينظر: «الفخر الرازي» (٣٠/ ١١١) .
(٥) ينظر: «السبعة» (٦٥٠) ، و «الحجة» (٦/ ٣٢٠) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٩٢) ، و «معاني القراءات» (٣/ ٨٩) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٦٩) ، و «إتحاف» (٢/ ٥٦١) . [.....]
(٦) ذكره البغوي (٤/ ٣٩٤) بنحوه، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>