للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَوْفَ العَيْلَة والافتقار، وكان منهم من يفعله غيرة مخافة السّباء، وقَدْ ضَلُّوا: إخبارٌ عنهم بالحَيْرة، وَما كانُوا: يريد في هذه الفَعْلَةِ، ويحتمل أن يريدَ: وما كانوا قبل ضلالهم بهذه الفَعْلة مهتدين، ولكنَّهم زادوا بهذه الفعلة ضلالا.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٤١ الى ١٤٢]

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (١٤١) وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٤٢)

وقوله سبحانه: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ... الآية: تنبيهٌ على مواضع الاِعتبار، وأَنْشَأَ: معناه: خلق واخترع، ومَعْرُوشاتٍ، قال ابنُ عَبَّاس: ذلك في ثَمَر العِنَبِ، مِنْها: ما عرش وسمك، ومنها: ما لم يعرش «١» ، ومُتَشابِهاً: يريد: في المنظر، وغَيْرَ مُتَشابِهٍ: في الطعم قاله ابن جُرَيْج وغيره «٢» ، وقوله: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ: نصٌّ في الإباحة، وقوله سبحانه: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ:

قال ابن عباس وجماعة: هي في الزكاة المفْرُوضة «٣» .

قال ع «٤» : وهذا القولُ مُعْتَرَضٌ بأن السورة مكِّيَّةٌ وبأنَّه لا زكاة فيما ذُكِرَ من الرُّمَّانِ، وما في معناه، وحكى الزجَّاج أنَّ هذه الآية قيل فيها: إنها نزلَتْ بالمدينة، وقال مجاهدٌ وغيره: بل قوله: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ: نَدْبٌ إلى إعطاء حقوقٍ مِنَ المال غَيْر الزكاة «٥» ، والسُّنَّة أن يُعْطِيَ الرجُلُ من زرعه عند الحصَادِ، وعِنْدَ الذَّرْوِ، وعنْدَ تكديسه في البَيْدَرِ «٦» ، فإذا صفى وكال، أخرج من ذلك الزكاة.


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦١) برقم (١٣٩٦١) ، وذكره البغوي (٢/ ١٣٥) ، وابن عطية (٢/ ٣٥٣) ، وابن كثير (٢/ ١٨١) ، والسيوطي (٣/ ٩٢) ، وعزاه لأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦٢) برقم (١٣٩٦٢) ، وابن عطية (٢/ ٣٥٣) ، وابن كثير (٢/ ١٨١) ، والسيوطي (٣/ ٩٢) ، وعزاه لابن المنذر، وأبي الشيخ، عن ابن جريج.
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦٣) برقم (١٣٩٧٤) ، وذكره البغوي (٢/ ١٣٥) ، وابن عطية (٢/ ٣٥٣) ، وابن كثير (٢/ ١٨١) ، والسيوطي (٣/ ٩٤) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣٥٣) .
(٥) أخرجه الطبري (٥/ ٣٦٥) برقم (١٣٩٩٦) ، وذكره البغوي (٢/ ١٣٥) ، وابن عطية (٢/ ٣٥٣) ، وابن كثير (٢/ ١٨١) ، والسيوطي (٣/ ٩٢) وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ والبيهقي عن مجاهد.
(٦) البيدر: الأندر (شامية) وأندر القمح الكدس منه خاصة. وفي المعجم الوسيط: البيدر: الجرن، والقمح-

<<  <  ج: ص:  >  >>