للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السدي: مآله في الدنيا وقعة بَدْرٍ وغيرها، ويوم القيامة «١» أيضاً، ثم أخبر تعالى أن مآل حال هذا الدين يوم يأتي يَقَعُ معه نَدَمُهُمْ، ويقولون تأسُّفاً على ما فاتهم من الإيمان:

لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ، فالتأويل على هذا من آل يؤول، وَنَسُوهُ يحتمل أن يكون بمعنى الترك، وباقي الآية بَيِّنٌ.

ت: وهذا التقرير يرجّح تأويل ابن سلام المتقدم.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٤ الى ٥٥]

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)

وقوله سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ... الآية خطاب عام يقتضي التوحيد، والحجة عليه بدلائله، وجاء في التفسير والأحاديث أن اللَّه سبحانه ابتدأ الخَلْقَ يوم الأَحدِ، وكملت المَخْلُوقَاتُ يوم الجمعة، وهذا كله والساعة اليَسِيرَةُ في قُدْرَةِ اللَّه سبحانه سواء.

قال م: فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «ستة» أصلها سِدْسَة، فأبدلوا من السِّين تاء، ثم أدغموا الدال في التاء، وتصغيره سديس وسديسة. انتهى.

وقوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ معناه عند أبي المعالي وغيره من حُذَّاق المتكلمين: الملك، والسلطان «٢» ، وخصّ العرش بالذِّكْرِ تشريفاً له إذ هو أَعْظَمُ المخلوقات.

وقوله سبحانه: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ «ألا» : استفتاح كلام. وأخذ المفسرون «الخَلْق» بمعنى المخلوقات، أي: هي كلها مِلْكُهُ، واختراعه، وأخذوا الأمر مَصْدَراً من أمر يأمر.

قال ع «٣» : ويحتمل أن تؤخذ لفظة «الخَلْقِ» على المصدر من: خلق يخلق خَلْقاً، أي: له هذه الصفة إذ هو المُوجِدُ للأشياء بعد العَدَمِ، ويؤخذ الأمر على أنه واحد


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٥١٢) برقم: (١٤٧٧٣) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٨) ، والبغوي (٢/ ١٦٤) بلفظ:
«عاقبته» ، والسيوطي (٣/ ١٦٨) ، وعزاه لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٢) ذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٨) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>