للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشرارهم وقريبي العَهْد بالكُفْر، قال الشيخُ الحافظُ أبو القاسِمِ عَبْدُ الرحمن بْنُ عبْدِ اللَّهِ الخَثْعَمِيُّ ثم السُّهَيْليُّ ذكر النَّقَّاش في قوله تعالى: فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ أنهم كانوا مِنْ لَخْمٍ، وكانو يعبُدُون أصناماً على صور البقر، وأنَّ السامِريَّ كان أصله منهم، ولذلك نزع إِلى عبادة العجْلِ. انتهى، واللَّه أعلم، وهذا هو معنى ما تقدَّم من كلام ع «١» ، وقوله: إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ، أي: مُهْلَكٌ، مُدَمَّر، رديء العاقبة، والتّبار: الهلاك، وإناء مُتَبَّرٌ، أي: مكسورٌ، وكسارته تِبْرٌ ومنه: تِبْرُ الذَّهَبِ لأنه كسارة، وقوله: مَّا هُمْ فِيهِ يعمّ جميع أحوالهم وباطِلٌ: معناه: فاسد ذاهب مضحملّ، وأَبْغِيكُمْ معناه: أطلبُ.

ثم عدَّد عليهم سبحانه في هذه الآية النِّعَمَ التي يجبُ من أجلها أَلاَّ يكفروا به، ولا يَرْغَبُوا في عبادة غيره، فقال: وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ... الآية، ويَسُومُونَكُمْ معنا: يحمِّلُونكم، ويكلِّفونكم، ومساوَمَةُ البيع تنظر إِلى هذا فإِنْ كلَّ واحد من المتساوِمَيْن يكلِّف صاحبه إِرادَتُه، ثم فَسَّرَ سوء العذاب بقوله: يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ ... الآية.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٥]

وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)

وقوله سبحانه: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ ... الآية: قال ابن عباس وغيره: الثلاثون ليلة هي شهر ذي القعدة، وأن العشر هي عَشْرُ ذي «٢» الحِجَّة، وروي أن الثلاثين إِنما وعد بأن يصومَهَا، وأَنَّ مدة المناجاة هِيَ العَشْر، وحيث ورد أنَّ المواعدة أربعُونَ ليلةً، فذلك إِخبار بجملة الأمْر، وهو في هذه الآية إِخبار بتفصيله، والمعنى في قوله: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ: أنه خلق لَهُ إِدراكاً سَمِعَ به الكلام القائم بالذات القديم


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٤٨) .
(٢) أخرجه الطبري (٦/ ٤٨) برقم: (١٥٠٧٦) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٩) ، وابن كثير (٢/ ٢٤٣) ، والسيوطي (٣/ ٢١٤) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>