للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ ... الآية. وفي الحديث:

٧٤ ب الصحيح عنه صلى الله عليه وسلّم قَالَ: «سَبَقَ المُفْرِّدُون! قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ، / يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ:

الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيراً والذَّاكِرَاتُ» «١» رواه مسلم واللفظ له، والترمذيُّ، وعنده: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، وَمَا المُفَرِّدُونَ؟ قَالَ: «المُسْتَهْتِرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ، فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافاً» «٢» .

قال عياض: «والمُفَرِّدون» ضَبَطْنَاهُ على مُتْقِني شيوخِنا- بفتح الفَاء وكَسرِ الراء-.

وقال ابن الأعرابي: فَرَّدَ الرجلُ إذا تَفَقَّهَ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ، وخلا لمُرَاعاة الأمر والنهي، وقال الأزهريُّ: هم المُتَخَلُّونَ مِنَ النَّاسِ بذكْرِ الله تعالى، وقوله: المستَهْتِرُونَ «٣» في ذكْر اللَّهِ هو- بفتح التاءَيْنِ المثناتين- يعني: الذين أُولِعُوا بذكْرِ الله، يقال: استهتر فُلانٌ بكَذَا، أي: أَولِعَ به، انتهى من «سلاح المؤمن» .

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٦]]

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦)

وقوله سبحانه: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ... الآية: قوله: وَما كانَ لفظه النفي، ومعناه الحظرُ والمنعُ والخيرةُ مصدرُ بمعنى التَّخَيُّر.

قال ابن زيد: نزلت هذه الآية بسبب أن أم كُلثُوم بنت عقبة بن أبي معيط، وهبت نفسها للنبي، فزوجها من زيد بن حارثة، فكرهت ذلك هي وأخوها، فنزلت الآية بسبب ذلك، فأجابا إلى تزويج زيد «٤» ، وقيل غير هذا، والعصيانُ هنا يعم الكفر فما دون، وفي


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) عبارة المجد في «قاموسه» «وهم المهتزون بذكر الله تعالى، قال الشيخ نصر الهوريني في تعليقه قوله:
المهتزون هكذا بالزاي في النسخ المطبوعة ولعلها رواية وفي نسخة الشارح المهترون بالراء وكتب عليها كما جاء في رواية نصها قال: «والذين اهتروا فِي ذِكْرِ اللهِ يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ، فيأتون يوم القيامة خفافا» اه. قلت اهتر الرجل: فقد عقله من الكبر أو المرض أو الحزن فهو مهتر بفتح التاء، واهتر فلان مجهولا: أولع بالقول في الشيء فهو مهتر، «واهتروا في ذكر الله» : أي خرفوا وهم يذكرون الله اه.
(٤) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٣٠١) رقم (٢٨٥١٧) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٣٨٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٤٨٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٨١) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>