للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مالك مثله. انتهى.

وفهم ع «١» : الحديث على التَّعَجُّبِ، ذكره عند قوله: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ [التوبة:

٢٥] ، وما قاله ابنُ رشْدٍ هو الصواب. والله أعلم.

ومُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يراد به الذي يَرَى: أن فعله ذلك أنْكَى للعدو، ونصبه على الحال، وكذلك نصب مُتَحَيِّزاً، وأما الاسْتِثْنَاءُ، فهو من المولين الذين تضمنهم «من» .

والفِئَةُ هنا الجَمَاعَةُ الحاضرة للحرب، هذا قول الجمهور.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١٧ الى ١٩]

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)

وقوله سبحانه: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى هذه الألفاظ تَرِدُ على من يزعم أن أَفْعَالَ العباد خَلْقٌ لهم، ومذهب أهل السنة أنها خلق للرب سبحانه كسْبٌ للعبد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ يومئذٍ ثلاث قَبَضَاتٍ من حَصًى وتُرَابٍ، فرمى بها في وجوه القوم، فانهزموا عند آخر رمْيَةِ، ويروى أنه قال يوم بدر: «شَاهَتِ الوُجُوهُ» «٢» وهذه الفعلة أيضاً كانت يوم «حنين» بلا خلاف.

ولِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ أي: ليصيبهم ببلاء حَسَنٍ، وظاهر وصفه بالحسن يقتضي أنه أراد الغنيمة، والظفر، والعزة.

إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لاستغاثتكم، عَلِيمٌ بوجوه الحكمة في جميع أفعاله لا إله إلا هو.

وقوله سبحانه: ذلِكُمْ إشارة إلى ما تقدم من قَتْلِ اللَّه لهم، ورميه إياهم، وموضع ذلِكُمْ من الإعراب رفع.


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٥١٠) .
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٠٣، ٣٦٨) ، والحاكم (٣/ ١٥٧) ، وابن حبان (٦٥٠٢) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٦/ ٢٤٠) من طريق ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وصححه الحاكم وابن حبان.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨/ ٢٢٨) ، وقال: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما: رجال الصحيح. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>