للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَزَلَتِ الآيةُ فِيهمْ، وقالَ عليُّ بْنُ أبي طَالِبِ، وابنُ مَسْعُودٍ، وابنُ عُمَرَ: هذِهِ أرْجَى آية في القرآن «١» ، ورَوَى ثَوْبَانُ عَنِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لي الدُّنْيَا وَمَا فيها بهذه الآية «٢» قُلْ يا عِبادِيَ ... » وأَسْرَفُوا معناه أَفْرَطُوا، والقَنَطُ أعْظَمُ اليَأْسِ، وقرأ نافعٌ والجمهورُ «تَقْنَطُوا» بفتح النون «٣» ، قال أبو حاتم: فيلزمهم أن يقرؤوا «مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُواْ» [الشورى: ٢٨]- بكسرها- ولم يقرأْ بهِ أحَدٌ، وقرأ أبو عمرو «تَقْنِطُوا» - بالكسر «٤» -.

وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً عمومٌ بمعنى الخصوصِ لأن الشِّرْكَ لَيْسَ بداخلٍ في الآيةِ إجماعاً، وهي أيضاً في المعاصِي مقيَّدةٌ بالمشيئةِ، ورُوِيَ أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قرأ:

«إن اللَّه يغفرُ الذنوبَ جَميعاً ولاَ يُبَالِي» «٥» وقَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ «٦» : «إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ يَشَاءُ» وَأَنِيبُوا معناه: ارجعوا.

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥٥ الى ٦٠]

وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩)

وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠)


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١/ ١٥) برقم: (٣٠١٨١) عن ابن مسعود وبرقم: (٣١٠٨٤) عن علي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٣٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٢١) .
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٥) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥/ ٤٢٣) باب: في معالجة كل ذنب بالتوبة (٧١٣٧) ، والطبري (١١/ ١٦) (٣٠١٨٧) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٣١) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٣٧) .
(٤) وقرأ بها حمزة والكسائيّ، ويعقوب، وخلف.
ينظر: «العنوان» (١٦٥) ، و «إتحاف» (٢/ ٤٣٠) .
(٥) أخرجه الحاكم (٢/ ٢٤٩) كتاب «التفسير» ، والترمذي (٥/ ٣٧٠) ، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الزمر (٣٢٣٧) .
قال الحاكم: هذا حديث غريب عال، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد. اهـ.
قال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إِلا من حديث ثابت عن شهر بن حوشب قال:
وشهر بن حوشب يروي عن أم سلمة الأنصارية وأم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد.
(٦) ينظر: «الشواذ» ص: (١٣٢) ، و «الكشاف» (٤/ ١٣٥) ، وزاد نسبتها إلى ابن عبّاس.
وينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>