أضافوا إلى ذلك مَنَاةَ الثالثة الأخرى الحقيرة، وكُلُّ أصنامهم حقير، انتهى.
ثم قال تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ يعني: إنْ هذه الأوصافُ من أَنَّها إناث، وَأَنَّها آلهة تعْبَدُ، ونحو هذا- إلاَّ أَسماءٌ، أي: تسميات اخترعتموها أنتم وآباؤكم، ما أنزل اللَّه بها برهاناً ولا حُجَّةً، وما هو إلاَّ اتِّباعُ الظن، وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وهَوَى الأنفس هو إرادتها الملذة لها، وإِنَّما تجد هوى النفس أبداً في ترك الأفضل لأَنَّها مجبولةٌ بطبعها على حُبِّ الملذ، وإِنَّما يَرْدَعُها وَيَسُوقُها إلى حُسْنِ العاقبة العقلُ والشرع.
وقوله سبحانه: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى فيه توبيخ لهم، إِذْ يفعلون هذه القبائِحَ والهدى حاضر، وهو محمد وشرعه، والإنسان في قوله: أَمْ لِلْإِنْسانِ اسم جنس، كأَنَّه يقول: ليست الأشياءُ بالتمني والشهوات، وإِنَّما الأمر كُلُّه للَّه، والأعْمَالُ جاريةٌ على قانون أمره ونهيه، فليس لكم- أَيُّهَا الكَفَرَةُ- مُرَادُكُمْ في قولكم: هذه آلهتنا، وهي تشفعُ لنا، وتُقَرِّبُنَا إِلى اللَّه زُلْفَى، ونحو هذا فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى أي: له كل أمرهما:
مُلْكاً، ومقدوراً، وتَحْتَ سلطانه، قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب «عيوب النفس» : ومن عيوب النفس كثرةُ التَّمَنِّي، والتَّمَنِّي هو الاعتراضُ على اللَّه عَزَّ وجلَّ في قضائه وقَدَرِهِ، ومداواتُها/ أَنْ يعلم أَنَّه لا يدري ما يعقبه التمني، أيجرُّهُ إلى خير أو إلى شَرٍّ؟ فإذا تَيَقَّنَ إبهام عاقبة تمنيه، أَسْقَطَ عن نفسه ذلك، ورَجَعَ إلى الرِّضَا والتسليم، فيستريح، انتهى.
وقوله سبحانه: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ ... الآية: رَدٌّ على قريش في قولهم: الأوثان شفعاؤنا، وَكَمْ للتكثير، وهي في موضع رفع بالابتداء، والخبر لاَ تُغْنِي والغِنَى جَلْبُ النفع ودَفْعُ الضُّرِّ بحسب الأمر الذي يكون فيه الغناء.