للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القول من إِبراهيم «١» .

قال ع «٢» : فكأنَّ إِبراهيم دعا للمؤمنين، وعلى الكافرين، وفي «مختصر الطبريِّ» : وقرأ بعضهم، «فأُمْتِعْهُ» بالجزم، والقَطْع على الدعاء «٣» ، ورآه دعاءً من إِبراهيم، وروي ذلك عن أبي العالية، كان ابنُ عبَّاس يقول: ذلك قولُ إبراهيم، سأل ربَّه أنَّ من كَفَر به، فأمتعه قليلاً يقول: فارزقه قليلاً، ثم اضطره إِلى عذاب النارِ، أي: أَلْجِئْهُ. انتهى، وعلى هذِهِ القراءةِ يجيءُ قولُ ابن عبّاس، لا على قراءة الجمهور، وقَلِيلًا: معناه: مُدَّة العُمُر لأن متاع الدنيا قليلٌ.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٧ الى ١٢٩]

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)

وقوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ... الآية: القواعدُ: جمع قاعدةٍ، وهي الأساس.

ص «٤» : القواعدُ، قال الكسائيُّ والفَرَّاء: هي الجُدُر، وقال أبو عُبَيْدة: هي الأساس. انتهى.

واختلفوا في قصص البَيْت، فقيل: إِن آدم أمر بِبِنَائِهِ، ثم دثر، ودرس حتى دلَّ عليه


(١) أخرجه الطبري (١/ ٥٩٤) برقم (٢٠٣٧) ، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ٢٣٣) ، والشوكاني في «التفسير» (١/ ٢٠٨) .
(٢) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٠٩) .
(٣) وهي قراءة شاذة، كما في «المحتسب» (١/ ١٠٤) ، ونسبها لابن عباس- رضي الله عنهما- قال ابن جني: فيحتمل أمرين:
أحدهما: - وهو الظاهر- أن يكون الفاعل في «قال» ضمير إبراهيم عليه السلام، أي قال إبراهيم أيضا:
ومن كفر فأمتعه يا رب ثم اضطره يا رب ...
وأما الآخر فهو أن يكون الفاعل في «قال» ضمير اسم الله تعالى أي: فأمتعه يا خالق، أو فأمتعه يا قادر، أو يا مالك، أو يا إله، يخاطب بذلك نفسه (عز وجل) ، فجرى هذا على ما تعتاده العرب من أمر الإنسان لنفسه، كقراءة من قرأ: قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: ٢٥٩] أي: أعلم يا إنسان.
وكقول الأعشى: [البسيط] وهل تطيق وداعا أيها الرجل.
(٤) «المجيد» (ص ٤٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>