للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صَدْره، ف جاثِمِينَ: معناه: باركين قَدْ صُعِقَ بهم، وهو تشبيه بجُثُوم الطير، وجُثُوم الرماد، وقال بعض المفسرين: معناه: حميماً محترقين كالرماد الجاثم، وذهب صاحبُ هذا القول إلى أن الصيحة اقترن بها صواعقُ مُحْرِقَةٌ، وروي أن الصيحةَ أصابَتْ كلَّ مَنْ كان منهم في شَرْق الأرض وغَرْبِهَا إِلاَّ رَجُلاً كان في الحَرَم، فمنعه الحرمُ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ خروجه من الحَرَم ففي «مُصَنَّف أبي داود» ، قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قال: أبو رغال «١» ، وذكره الطبريّ أيضا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا الخبر يردُّ ما في السير من أَنَّ أَبا رُغَالٍ هو دليلُ الفِيل، وقوله: فَتَوَلَّى عَنْهُمْ، أي: تولَّى عنهم وقت عَقْر الناقة، وذلك قبل نزول العذاب وكذلك رُوِيَ أنه عليه السلام خَرَجَ مِنْ بين أظهرهم قبل نزول العذاب، وهو الذي تقتضيه مخاطبته لهم، ويحتمل أن يكون خطابُهُ لهم وهُمْ موتى على جهة التفجُّع عليهم، وذكر حالهم أو غير ذلك كما خاطب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أهْل قليب بَدْر. قال الطبريُّ وقيل: إنه لم تَهْلِكْ أُمَّة، ونبيُّها «٢» معها، ورُوِيَ أنه ارتحلَ بمَنْ معه حتَّى جاء مكَّة، فأقام بها حتى مات، ولفظ التولِّي يقتضي اليأْس مِنْ خَيْرهم، واليقينَ في إِهلاكهم، وقوله:

وَلكِنْ لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ: عبارةٌ عن تغليبهم الشهواتَ عَلَى الرأْي السديد إذ كلامُ الناصح صَعْبٌ مُضادٌّ لشهوة الذي يُنصحُ، ولذلك تقول العرب: أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٠ الى ٨٤]

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)

وقوله سبحانه: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ.

لوطٌ عليه عليه السلام بعثه اللَّه سبحانه إِلى أُمَّة تسّمى «سدوم» وروي أنه ابن أخي


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٩٨) كتاب «الإمارة» باب: نبش القبور العادية يكون فيها المال، حديث (٣٠٨٨) ، والبيهقي (٤/ ١٥٦) ، وفي «الدلائل» (٧/ ٢٩٧) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) ذكره الطبري (٥/ ٥٣٩) ، وابن عطية (٢/ ٤٢٤) ، وابن كثير (٢/ ٢٣٠) ، والسيوطي بنحوه (٣/ ١٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>