للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ هذه الآياتُ جعلَها اللَّهُ عز وجل أدلة على قدرته ووجوب الألوهية له، ونَسْلَخُ معناه نَكْشِطُ ونُقَشِّرُ: فهي اسْتِعارة.

قلت: قال الهروي: قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أي: نخرجه منه إخراجاً لا يَبْقَى من ضَوْءِ النهار معه شيء، انتهى. ومُظْلِمُونَ داخلون في الظلام، ومُسْتَقَرِّ الشَّمْسِ: - على ما في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من طريق أبي ذَرٍّ- «بَيْنَ يَدَيِ العَرْشِ تَسْجُدُ فِيه كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ غُرُوبِها» وهو فِي البخاري «١» وفي حديثٍ آخر «أنَّهَا تَسْجُدُ/ في عين حمئة» «٢» ومَنازِلَ منصوبٌ عَلى الظَّرفِ وهي المنازِلُ المعروفةُ عندَ العرَب، وهي ثمانيةٌ وعِشْرُونَ مَنْزِلَةً يَقْطَع القَمَرُ مِنها كلَّ لَيْلَةٍ مَنْزِلَةً، وعَودَتُه هي استهلالُه رَقِيقاً وحينئذ يُشْبه العُرْجُونَ، وُهو الغُصْنُ مِنَ النَّخْلَةِ الذي فيه شَمَارِيخُ التَّمْرِ، فإنَّه يَنْحَنِي وَيَصْفَرُّ إذا قَدِمَ، ويَجِيءُ أشْبَهَ شَيءٍ بِالهلال قاله الحسن «٣» ، والوجود يشهد له، والْقَدِيمِ معناه:

العَتِيقُ الذي قَدْ مَرَّ عَلَيْهِ زَمَنٌ طويل، ويَنْبَغِي هنا مُسْتَعْملَة فيما لا يمكنُ خِلاَفُه لأنها لاَ قُدْرَةَ لَهَا عَلى غَيْرِ ذلك، وال «فلك» فيما رُوِيَ عنِ ابْنِ عَباسٍ مُتَحَرِّك مستدير كفلكة المغزل فيه جميع الكواكب «٤» ويَسْبَحُونَ معناه: يجرون ويعومون.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤١ الى ٤٦]

وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥)

وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦)


(١) أخرجه البخاري (١٣/ ٤١٥) كتاب «التوحيد» باب: وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم برقم: (٧٤٢٤) ، (٨/ ٤٠٢) كتاب «التفسير» باب: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٤٨٠٢) ، (٦/ ٣٤٢- ٣٤٣) ، كتاب «بدء الخلق» ، باب: صفة الشمس والقمر بِحُسْبانٍ (٣١٩٩) ، ومسلم (١/ ٤٥٣- ٤٥٤) - الأبي، كتاب «الإيمان» باب: الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان (٢٥٠/ ١٥٩) ، وأبو داود (٢/ ٤٣٣) ، كتاب «الحروف والقراءات» باب: (١) ، (٤٠٠٢) نحوه، والترمذي (٤/ ٤٧٩) ، كتاب «الفتن» باب: ما جاء في طلوع الشمس من مغربها (٢١٨٦) ، والنسائي في «التفسير» (٢/ ٢٠٤- ٢٠٥) ، تفسير سورة يس (٤٥٠) ، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٤٣٩) كتاب «التفسير» باب: قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها (١١٤٣٠/ ١) .
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٢) ينظر: الحديث السابق.
(٣) أخرجه الطبري (١٠/ ٤٤٢) برقم: (٢٩١٢٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٤٥٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٩٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم. [.....]
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٤٤٣) برقم: (٢٩١٣٧) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٥٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>