للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا رَبِّ، أخبِرْنِي، فقال: كَانَ لاَ يَحْسُدُ النَّاسَ على ما آتاهم اللَّه مِنْ فَضْله، ثم حدَّث أبو عمر بسنده، عن أنس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الحَسَدَ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» «١» وذكر عبد الرزَّاق، عن مَعْمَرٍ، عن إسماعيل بْنِ أُمَّيَةَ «٢» ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «ثَلاَثٌ لاَ يَسْلَمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ، والظَّنُّ، وَالحَسَد! قِيلَ: فَمَا المَخْرَجُ مِنْهُنَّ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إذَا تَطَيَّرْتَ فَلاَ تَرْجِعْ، وَإذَا ظَنَنْتَ فَلاَ تُحَقِّقْ، وَإذَا حَسَدتَّ فَلاَ تَبْغِ» «٣» انتهى من «التمهيد» .

وقوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ اختلف في الضمير مِنْ «به» .

فقال الجمهور: هو عائدٌ علَى القرآن الذي في قوله تعالى: آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً [النساء: ٤٧] فأعلم اللَّه سبحانه أنَّ منهم مَنْ آمَنَ كما أُمِرَ فلذلك/ ارتفَعَ الوعيدُ بالطَّمْسِ، ولم يَقَعْ، وصَدَّ قومٌ ثبَتَ الوعيدُ عليهم في الآخرة بقوله سبحانه: وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً.

وقيل: هو عائدٌ على إبراهيم- عليه السلام-.

وقيل: هو عائدٌ على الفَضْلِ الذي آتاه اللَّه النبيَّ- عليه السلام-، والعربَ على ما تقدَّم.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥٧)


(١) أخرجه ابن ماجة (٢/ ١٤٠٨) كتاب «الزهد» ، باب الحسد، حديث (٤٢١٠) ، وأبو يعلى (٦/ ٣٣٠) رقم (٣٦٥٦) من طريق عيسى بن ميسرة عن أبي الزناد عن أنس به.
وقال البوصيري في «الزوائد» (٣/ ٢٩٨) : هذا إسناد فيه عيسى بن أبي عيسى، وهو ضعيف.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود (٢/ ٦٩٣) ، كتاب «الأدب» ، باب في الحسد، حديث (٤٩٠٣) عنه بلفظ: «إياكم والحسد، فإن الحَسَدَ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» .
(٢) إسماعيل بن أميّة بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي: أحد العلماء والأشراف عن أبيه، وأيوب بن خالد، وسعيد المقبري، وعنه معمر، والسّفيانان، وروح بن القاسم. قال ابن المديني: له نحو سبعين حديثا، وثقه أبو حاتم، قال ابن معين: مات سنة أربع وأربعين ومائة.
ينظر: «الخلاصة» (١/ ٨٤) (٤٨٠) .
(٣) ذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (٦/ ١٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>