للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عذابِهَا، إنما هو تمحيصٌ لذنوبه «١» .

وقوله سبحانه: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ: هو من قول الدّاعين.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩٣ الى ١٩٤]

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤)

وقوله سبحانه: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ ... الآية: حكايةٌ عن أولي الألباب، قال أبو الدرداء «٢» : يرحم اللَّه المؤمنينَ ما زالُوا يقولُونَ: رَبَّنَا رَبَّنَا، حتَّى استجيب لهم، قال ابن جريج «٣» وغيره: المنادي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقال محمَّد بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ: المنادِي كتابُ الله «٤» ، وليس كلّهم رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسمعه، وقولهم: مَا وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ، معناه: على أَلْسِنَةِ رُسُلِكَ، وقولهم: وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعادَ: إشارةٌ إلى قولِه تعالى: يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التحريم: ٨] فهذا وعده تعالى، وهو دالٌّ على أنَّ الخِزْيَ إنما هو مع الخلود.

قال ص: قال أبو البقاء: الميعاد مصدر بمعنى الوعد. انتهى.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩٥ الى ١٩٨]

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥) لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)


(١) أخرجه الطبري (٣/ ٥٥٢) برقم (٨٣٥٦- ٨٣٥٩) عن أنس، وابن المسيب، والحسن، وابن جريج بألفاظ متقاربة، وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (١/ ١٤٢) عن ابن المسيب بلفظ: «هذه خاصة لمن لا يخرج منها» ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١/ ٣٨٦) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٥٥٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ١٩٦) عن أنس، وابن المسيب، وابن جريج، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٢) ذكره ابن عطية الأندلسي في «تفسيره» «المحرر الوجيز» (١/ ٥٥٦) .
(٣) أخرجه الطبري (٣/ ٥٣) برقم (٨٣٦٣- ٨٣٦٤) ، عن ابن جريج وابن زيد، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٤٤٣) ، والبغوي في «التفسير» (١/ ٣٨٦) عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، وذكره ابن عطية (١/ ٥٥٦) ، والسيوطي في «الدر» (٢/ ١٩٦) ، عن ابن جريج وابن زيد، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري (٣/ ٥٥٣) برقم (٨٣٦١) ، (٨٣٦٢) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٤٤٢) ، والبغوي في «تفسيره» (١/ ٣٨٦) ، وابن عطية (١/ ٥٥٦) .، والسيوطي في «الدر» (٢/ ١٩٦) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والخطيب في «المتفق والمفترق» . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>