للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها متوجِّه على أن اللَّهَ خلقَ الأرضَ ولم يَدْحُهَا ثم استوى إلى السَّمَاءِ وهي دُخَانُ فخلقَها، وبنَاها، ثم دَحَا الأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، ودَحْوُها بسطها، وباقي الآية بيّن، والطَّامَّةُ الْكُبْرى هي يومُ القيامة قاله ابن عباس وغيره «١» .

[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٣٧ الى ٤١]

فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١)

فَأَمَّا مَنْ طَغى أي تجاوز الحدّ، وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا على الآخرة لتكذيبه [بالآخرة] ، ومَقامَ رَبِّهِ هو يومُ القِيَامَةِ، وإنما المرادُ مَقَامُهُ بين يديه، والْهَوى هو شَهَواتُ النفسِ وما جرى مَجْرَاها المذمومة.

[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٤٢ الى ٤٦]

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦)

وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ يعني: قريشاً، قال البخاري عن غيره: أَيَّانَ مُرْساها متَى مُنْتَهَاهَا، / ومُرْسَى السفينةِ حيثُ تَنْتَهِي، انتهى، ثم قال تعالى لنبيه على جهة التوقيفِ: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها أي من ذِكْرِ تَحْدِيدِها ووقتِها، أي: لستَ من ذلك في شيء، إنما أنت منذر، وباقي الآيةِ بيِّنٌ، قَال الفخر «٢» قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها تفسيرُ هذه الآيةِ هُو كما «٣» ذَكَرَ في قوله: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ [الأحقاف: ٣٥] والمعنى: أن ما أنكرُوه سَيَرَوْنَه حتَّى كأنَّهُمْ كَانُوا أبَداً فيهِ، وكأَنَّهُمْ لَمْ يَلْبَثُوا في الدُّنْيَا إلا ساعة من نهارٍ، يريدُ لم يلبثوا إلا عشيَّةً أو ضحى يومها، انتهى.


(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٤٠) (٣٦٣١١) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٣٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) ينظر: «الفخر الرازي» (٣١/ ٤٩) .
(٣) في د: ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>