للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان أو فكَّر فيه، يجد صعوبته عليه، والعياذُ باللَّه، كصعوبةِ الصُّعود في السماء، قاله ابن جريج وغيره «١» ، وفِي السَّماءِ، يريد: مِنْ سفل إلى علوٍ، وتحتمل الآية أنْ يكون التشبيهُ بالصاعدِ في عَقَبَةٍ كَئُود كأنه يَصْعَدُ بها في الهواء، ويَصْعَدُ: معناه: يعلو، ويَصَّعَّدُ:

معناه: يتكلَّف من ذلك ما يشقُّ عليه.

وقوله: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ، أي: وكما كان الهدى كله من اللَّه، والضلال بإرادته تعالى ومشيئته كذلك يجعل اللَّه الرجْسَ، قال أهل اللغة: الرجْسُ يأتي بمعنى العَذَابِ، ويأتي بمعنى النَّجَس.

وقوله تعالى: وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً ... الآية: هذا إشارة إلى القرآن والشرْعِ الذي جاء به نبيُّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم قاله ابن عباس، وفَصَّلْنَا، معناه: بيَّنا وأوضحنا «٢» .

وقوله سبحانه: لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ، أي: للمؤمنين، والضمير في قوله: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عائد عليهم، والسَّلام: يتجه أن يكون اسما من أسماء اللَّه عزَّ وجلَّ، ويتجه أن يكون مصدراً بمعنى السلامة.

وقوله تعالى: عِنْدَ رَبِّهِمْ يريد في الآخرة بعد الحشر، ووليّهم، أي: وليّ الإنعام عليهم، وبِما كانُوا يَعْمَلُونَ، أي: بسَبَبِ ما كانوا يُقَدِّمون من الخير، ويفعلون من الطاعة والبر.

وقوله سبحانه: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ، والمعنى: واذكر يَوْمَ، وفي الكلامِ حذفٌ، تقديره: نقول: يا معشر الجنِّ، وقوله: قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ: معناه: أفرطتم، ومِنَ الْإِنْسِ: يريد: في إضلالهم وأغوائهم قاله ابن عباس وغيره «٣» ، وقال الكُفَّار من الإنْس، وهم أولياء الجنِّ الموبَّخين على جهة الاعتذار عن الجنِّ: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ، أي: انتفع وذلك كاستعاذتهم بالجنِّ إذ كان العربيُّ إذا نزل وادياً، ينادي: يا رَبَّ الوادِي، إنِّي أستجيرُ بك في هذه الليلة، ثم يرى سلامته إنما هي بحفْظِ جَنِّيِّ ذلك الوادِي، ونحو ذلك، وبلوغ الأجل المؤجّل: هو


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٣٤٠) برقم (١٣٨٧٨، ١٣٨٧٩) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٤٣) ، وابن كثير (٢/ ١٧٥) ، والسيوطي (٣/ ٨٤) ، وعزاه لأبي الشيخ عن ابن جريج.
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٤٤٢) برقم (١٣٨٨٦) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٤٤) .
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٤٤٢) برقم (١٣٨٨٨) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٤٥) ، والسيوطي (٣/ ٨٥) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>