للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الرجُلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ، وَلاَ إله إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ «١» .

قال ع «٢» : وهذا كلُّه إِنما هو على جهة المِثَالِ في الحسنات، ومِنْ أجل أنَّ الصلواتِ الخمْسَ هي معظَمُ الأعمال، والذي يظهر أنَّ لفظ الآية عامٌّ في الحسنات، خاصٌّ في السيئات بقوله عليه السلام: «مَا اجتنبت الكَبَائِرُ» ، وروي أنَّ هذه الآية نزلَتْ في رجلٍ من الأنصار، وهو أبو اليُسْرِ بْنُ عَمْرو، وقيل: اسمه عَبَّاد، خَلاَ بامرأةٍ، فقَبَّلها، وتلذَّذ بها فيما دُونَ الجِمَاع، ثم جاء إِلى عُمَر، فشكا إِليه، فقال له: قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ، فاستر عَلَى نَفْسِكَ، فَقَلِقَ الرجُلُ، فجاء أبا بَكْر، فشكا إِليه، فقال له مثْلَ مقالة عمر، فقلق الرجل، فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فَصَلَّى معه، ثم أخبره، وقال: اقض فيَّ ما شئت فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«لَعَلَّهَا زَوْجَةُ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟!» قَالَ: نعم، فوبّخه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وَقَالَ: «مَا أَدْرِي» ، فنزلَتْ هذه الآية، فَدَعَاهُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فَتَلاَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَهَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً» «٣» .

قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» «٤» : وهذا الحديثُ صحيحٌ، رواه الأئمةِ كلُّهم، انتهى.

قال ع «٥» : ورُوِيَ: أن الآية قدْ كَانَتْ نزلت قبل ذلك، واستعملها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ذلك الرَّجُل، وروي أنَّ عمر قال مَا حُكِيَ عن معاذٍ، وفي الحديث عنه صلّى الله عليه وسلّم أنَّهُ قَالَ:

«الجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَالصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا إِنِ اجتنبت الكبائر» «٦» .


(١) أخرجه الطبري (٧/ ١٣١) برقم: (١٨٦٨) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣١٣) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢١٣) .
(٣) أخرجه البخاري (٢/ ١٢) كتاب «مواقيت الصلاة» باب: «وأقم الصلاة طرفي النهار» ، حديث (٥٢٦) ، وفي (٨/ ٢٠٦) كتاب «التفسير» باب: «وأقم الصلاة طرفي النهار» ، حديث (٤٦٨٧) ، ومسلم (٤/ ٢١١٥، ٢١١٧) وكتاب «التوبة» باب: قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، حديث (٣٩، ٤١/ ٢٧٦٣) ، والترمذي (٥/ ٢٩١) كتاب «التفسير» باب: ومن سورة هود، حديث (٣١١٤) ، والنسائي في «التفسير» (٢٦٧) ، وابن ماجه (١/ ٤٤٧) كتاب «الصلاة» باب: ما جاء في أن الصلاة كفارة، حديث (١٣٩٨) ، وفي (٢/ ١٤٢١) كتاب «الزهد» باب: ذكر التوبة، حديث (٤٢٥٤) ، وأحمد (١/ ٤٤٥) ، وابن خزيمة (٣١٣) ، وابن حبان (١٧٢٩- ١٧٣٠) ، والطبري في «تفسيره» (١٨٦٧٦) ، والبيهقي (٨/ ٢٤١) من طرق عن عبد الله بن مسعود.
(٤) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٧٣) . [.....]
(٥) أخرجه الطبري (٧/ ١٢٥- ١٢٦) برقم: (١٨٦٣٢- ١٨٦٣٣- ١٨٦٣٤) ، وذكره البغوي (٢/ ٤٠٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢١٢) بنحوه.
(٦) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>