للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَنْجِيَة انتهى.

وقال الهَرَوِيُّ: خَلَصُوا نَجِيًّا: أي تميّزوا عن الناس متناجين انتهى.

وكَبِيرُهُمْ: قال مجاهدٌ هو شَمْعُونُ، كان كبيرهم رَأْياً وعِلْماً، وإِن كان رُوبِيلُ أَسنَّهم «١» ، وقال قتادة: هو روبيلُ، لأَنه أسنُّهم «٢» ، وهذا أظهرُ ورجَّحه الطبريُّ «٣» ، وذكرهم أخوهم ميثاقَ أبيهم: لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ [يوسف: ٦٦] .

وقوله: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ: قال: ص: «بَرَحَ» التامَّةُ بمعنى ذَهَبَ وظَهَرَ ومنه: برح الخَفَاء، أي: ظهر، والمتوجَّه هنا: معنى «ذهب» ، لكنَّه لا ينصب الظرف المكانيَّ المختصَّ إِلا بواسطة، فاحتيج إِلى تضمينه معنى «فارق» ، والأرض مفعولٌ به، ولا يجوزُ أنْ تكون «أبرح» : ناقصةٌ انتهى.

وقوله: ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ: الأمر بالرجُوعِ قيلَ: هُوَ مِنْ قولِ كبيرهم، وقيل: من قَوْلِ يوسُفَ، والأول أظهرُ، وذكر الطبرِيُّ أَنَّ يوسُفَ قال لهم: إِذا أتيتم أباكم فاقرؤوا علَيْه السَّلام، وقولوا له: إِنَّ مَلِكَ مِصْرَ يدْعُو لك أَلاَّ تمُوتَ حَتَّى تَرَى ولدك يوسُفَ، ليعلم أَنَّ في أرض مِصْرَ صِدِّيقين مثله، وقرأ الجمهور: «سَرَقَ» ، وروي عن الكسائي «٤» وغيره:

«سُرِقَ» - ببنائه للمفعول-.

وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا: أي: باعتبار الظَّاهر، والعِلْمُ في الغَيْبِ إِلى اللَّه، ليْسَ ذلك في حِفْظنا، هذا تأويل ابْن إِسحاق، ثم استشهدوا بالقرية التي كانوا فيهَا، وهي مِصْر قاله ابن عباس «٥» ، والمراد أهْلُها، قال البُخَارِيُّ: سَوَّلَتْ: أي: زَيَّنَتْ، وقولُ يعقُوبَ:

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً يعنى بيوسُفَ ويَامِينَ ورُوبِيلَ الذي لَمْ يَبْرَحِ الأرض،


(١) أخرجه الطبري (٧/ ٢٦٩) برقم: (١٩٦٢٧) ، وذكره البغوي (٢/ ٤٤٢) ، وابن عطية (٣/ ٢٦٩) ، والسيوطي (٤/ ٥٤- ٥٥) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري (٧/ ٢٧٠) برقم: (١٩٦٣٠) ، وذكره البغوي (٢/ ٤٤٢) ، وابن عطية (٣/ ٢٦٩) ، والسيوطي (٤/ ٥٥) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٧/ ٢٧٠) برقم: (١٩٦٣٠- ١٩٦٣١) .
(٤) وقرأ بها أبو ذر وابن عباس، كما في «الشواذ» ص: (٦٩) ، وقرأها مبنية للمفعول مشددة الكسائي في رواية ابن أبي شريح عنه، وقرأ بها أحمد بن جبير المكي، والوليد بن حسان، عن يعقوب، وغيرهم.
ينظر: «البحر المحيط» (٥/ ٣٢٩) ، و «الدر المصون» (٤/ ٢٠٣) .
(٥) أخرجه الطبري (٧/ ٢٧٣) برقم: (١٩٦٤٧) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>