للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ أوقوله سبحانه: / وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى الآيةَ، وقصص هذه الآية: أَن موسى عليه السلام لمَّا شرع في النهوض ببني إسرائيل إلى جانب الطور حيث كان الموعدُ أن يكلم اللهُ موسى بما لهم فيه شرفُ العاجل والآجل- رأى موسى عليه السلام على جهة الاجْتِهَاد أن يتقدم وحدَهُ مُبادراً لأمر الله سبحانه طلباً لرضائه، وحرصاً على القرب منه، وشوقاً إلى مُناجاته، واستخلف عليهم هارونَ، وقال لهم موسى: تسيرون إلى جانب الطور، فلما انتهى موسى صلى الله عليه وسلّم وناجى ربَّه، زاده اللهُ في الأجل عشراً، وحينئذٍ وقفه على معنى استعجاله دون القوم ليخبره موسى أنهم على الأثر، فيقَعَ الإعلامُ له بما صنعوا، وأعلمه موسى أنه إنما استعجل طلب الرضى، فأعلمه اللهُ سبحانه: أنه قد فتن بني إسرائيل، أي: اختبرهم بما صنع السَّامِرِيّ، ويحتمل أن يريد: ألقيناهم في فتنة، فلما أخبر الله تعالى مُوسَى بما وقع، رجع موسى إلى قومه غَضْبَانَ أَسِفَا، وباقي الآية بيّن، وقد تقدّم قصصها مستوفى وسمّى العذاب غضباً من حيْثُ هو عن الغضب.

وقرأ نافعٌ «١» ، وعَاصِمٌ: «بِمَلْكِنَا» بفتح الميم، وقرأ حمزة، والكسائيّ: «بملكنا» بضمة، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: «بِمِلْكِنَا» بكسرة فأما فتحُ الميم، فهو مصدرٌ من ملك، والمعنى: ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب، ولا وُفِّقْنا له، بل غلبتنا أنفُسُنا.

وأَما كسرُ المِيم، فقد كثر استعماله فيما تحوزه اليدُ، ولكنه يستعمل في الأمور الَّتي يُبْرمها الإِنسان، ومعناها كمعنى التي قبلها، والمصدرُ مضافٌ في الوجهين إلى الفاعل.

وقولهم: وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً ... الآية سموها أوزاراً من حيث هي ثَقِيلة الأجرام، أو من حيثُ تأَثَّموا في قذفها، وقرأ أبو عمرو، وحمزةُ، والكسائيُّ: «حَمَلْنَا» بفتح «٢» الحاء، والميم.

وقولهم: فَكَذلِكَ أيْ: فكما قذفنا نحن، فكذلك أيضاً ألقى السامري.

قال ع «٣» : وهذه الألفاظُ تقتضى أنَّ العجل لم يصغه السامريّ، ثم أخبر «٤» تعالى


(١) ينظر: «السبعة» (٤٢٢، ٤٢٣) ، و «الحجة» (٥/ ٢٤٤) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٤٩) ، و «معاني القراءات» (٢/ ١٥٦) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ٤٩) ، و «العنوان» (١٣٠) ، و «شرح شعلة» (٤٩٦) ، و «إتحاف» (٢/ ٢٥٤) .
(٢) ينظر: «السبعة» (٤٢٣) ، و «الحجة» (٥/ ٢٤٦) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٥٠) ، و «معاني القراءات» (٢/ ١٥٧) ، و «شرح شعلة» (٤٩) ، و «العنوان» (١٣٠) ، و «شرح شعلة» (٤٩٦) ، و «إتحاف» (٢/ ٢٥٥) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٩) .
(٤) في ج: أخبر الله. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>