للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكَ فَاسْأَلْ» «١» رواه الحاكم في «المَسْتَدْرَكِ» ، وعن أنس بن مالك (رضي اللَّه عنه) قال: «مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بِرَجُلٍ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: سَلْ فَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْكَ» «٢» رواه الحاكم، انتهى من «السلاح» .

وفي قصص أيوبَ عليه السلام طُولٌ واختلاف، وتلخيصُ بعض ذلك: أَنَّ أيوبَ عليه السلام أصابه اللَّه تعالى بأكلة في بدنه، فلما عَظُمَتْ، وتقطَّع بدنه، أخرجه الناس من بينهم، ولم يبقَ معه غيرُ زوجته، ويقال: كانت بنتَ يوسفَ الصديق عليه السلام قيل:

اسمها رحمة، وقيل في أيوب: إنَّه من بني إسرائيل وقيل: إنه من «الروم» من قرية «عيصو» ، فكانت زوجته تسعى عليه، وتأْتيه بما يأكل، وتقوم عليه، ودامَ عليه ضُرُّهُ مدَّة طويلة، وروي أَنَّ أيوب (عليه السلام) لم يزل صابراً شاكراً، لا يدعو في كشف ما به، حتى إنَّ الدودة تسقط منه فيردها، فمرَّ به قوم كانوا يعادونه فشمتوا به فحينئذٍ دعا رَبَّهُ سبحانه فاستجاب له، وكانت امرأته غائبةً عنه في بعض شأنها، فأنبع اللَّه تعالى له عيناً، وأُمِرَ بالشرب منها فبرىء باطنه، وأُمِرَ بالاغتسال فبرىء ظاهره، ورُدَّ إلى أفضل جماله، وأوتي بأحسن ثياب، وهبَّ عليه رجل من جراد من ذهب فجعل يحتفن منه في ثوبه، فناداه ربه سبحانه وتعالى: «يا أيوب ألمْ أكنْ أغنيتك عن هذا؟ فقال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك» فبينما هو كذلك إذ جاءت امرأته، فلم تره في الموضع، فجزعت وَظَنَّتْ أَنَّهُ أزيل عنه، فجعلت تتولَّهُ رضي اللَّه عنها، فقال لها: ما شَأْنُكِ أيتها المرأة؟

فهابته لحسن هيئته، وقالت: إنِّي فقدت مريضاً «٣» لي في هذا الموضع، ومعالم المكانِ قد تغيرت، وتأملته في أثناءِ المقاولة «٤» فرأت أيوبَ، فقالت له: أنت أيوبُ؟ فقال لها:

نعم، واعتنقها، وبكى، فَرُوِيَ أنه لم يُفَارِقْهَا حَتَّى أراه اللَّه جميعَ مالِهِ حاضراً بين يديه.

واختلف الناس في أهله وولده الذين آتاه اللَّه، فقيل: كان ذلك كله في الدنيا فَرَدَّ اللَّه عليه ولده بأعيانهم، وجعل مثلهم له عدة في الآخرة، وقيل: بل أُوتي جميع ذلك في الدنيا من أهل ومال.

ت: وقد قَدَّمَ ع «٥» في صدر القصة: إن اللَّه سبحانه أَذِنَ لإبليس (لعنه الله)


(١) أخرجه الحاكم (١/ ٥٤٤) من طريق كامل بن طلحة عن فضال بن جبير عن أبي أمامة مرفوعا، وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: فضال ليس بشيء.
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٥٤٤) من حديث أنس بن مالك، وقال الذهبي: لم يصح هذا.
(٣) في ج: كان لي.
(٤) في ج: المقالة.
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>