للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضم الجيم قال ابن عباس «١» معناه: تهجرون الحَقَّ وذِكْرَ اللَّه، وتقطعونه من الهجران المعروف، وقال ابن زيد «٢» : هو من هجر المريض: إذا هذى، أي: تقولون اللغوَ من القول وقاله أبو حاتم، وقرأ نافع وحده: «تُهْجِرونَ» بضم التاء وكسر الجيم وهي قراءة أهل المدينة، ومعناه: تقولون الفُحْشَ والهجر من القول، وهذه إشارة إلى سبّهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه قال ابن عباس «٣» أيضاً وغيره، ثم وبخهم سبحانه بقوله: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ لأنهم بعد التدبر والنظر الفاسد/ قال بعضهم: شِعْرٌ، وبعضهم: سحر وغير ذلك، أم ٣٢ ب جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوَّلين أي: ليس بِبِدْعٍ بل قد جاء آباءهم الأَوَّلِينَ، وهم سالف الأمم الرُّسُلُ كنوح، وإبراهيم، وإسماعيلَ وغيرهم، وفي هذا التأويل من التَّجَوُّزِ أَنَّ جَعْلَ سالف الأمم، آباء إذِ الناس في الجملة آخِرُهم من أَوَّلِهِم.

أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ المعنى: ألم يعرفوا صدقه وأمانته مدَّةَ عمره صلّى الله عليه وسلّم.

وقوله سبحانه: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ.

قال ابن جريج «٤» ، وأبو صالح: الحقُّ: اللَّه تعالى.

قال ع «٥» : وهذا ليس من نَمَطِ الآية، وقال غيرهما: الحق هنا: الصواب والمستقيم.

قال ع «٦» : وهذا هو الأحرى، ويستقيمُ على هذا فساد السموات والأرض ومن فيهن لو كان بحكم هوى هؤلاءِ وذلك أَنَّهُم جعلوا للَّه شركاءَ وأولاداً، ولو كان هذا حَقّاً لم تكن لله عز وجل الصفاتُ العِلَيَّةُ، ولو لم تكن له سبحانه- لم تكن الصَّنْعَةُ، ولا القُدْرَةُ كما هي، وكان ذلك فسادُ السمواتِ والأرض ومَنْ فيهن: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] .


(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣١) برقم (٢٥٦٠٨) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٥٠) ، والسيوطي (٥/ ٢٤) ، وعزاه للطستي عن ابن عباس بنحوه.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣٢) برقم (٢٥٦١٤) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٥٠) .
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣٢) برقم (٢٥٦١٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٥٠) ، والسيوطي (٥/ ٢٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، والحاكم وصححه عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣٤) برقم (٢٥٦٢٣) عن أبي صالح، وبرقم (٢٥٦٢٥) عن ابن جريج، وذكره البغوي (٣/ ٣١٣) ، وابن عطية (٤/ ١٥١) ، وابن كثير (٣/ ٢٥٠) والسيوطي (٥/ ٢٥) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح.
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٥١) .
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>